الخوف من اللاجئين يسود فرايبورغ الألمانية بعد قتل ماريا
اغتيال طالبة في الـ 19 من عمرها زرع أجواء من الخوف بمدينة فرايبورغ في جنوب غرب ألمانيا حيث تسود عادة ثقافة ترحيب بالأجانب.
فرايبورغ الليبرالية والمنفتحة تسودها حاليا أجواء خوف حتى بين من يساعد اللاجئين، مسئولو قطاع السياحة في فرايبورغ يروجون للمدينة عبر الإنترنيت من خلال حيها التاريخي القديم للمدينة الواقعة بالقرب من الغابة السوداء ووسط حقول العنب، وهي تُعد مدينة ليبرالية ومتسامحة ومنفتحة على العالم، فرايبورغ التي يسكنها 225.000 نسمة تضم أيضا نحو 40.000 طالب مسجلين بجامعتها المرموقة.
وتشتهر المدينة أيضا بالتزام مواطنيها، إذ تطورت منذ السبعينيات إلى أحد مراكز حركة حماية البيئة ومناهضة الطاقة النووية، ومنذ 2002 يحكم فرايبورغ كأول مدينة ألمانية كبرى عمدة من حزب الخضر. وتتميز فرايبورغ بثقافة الأساليب البديلة في الحياة اليومية وبمجتمع مدني نشيط، أكان ذلك في حماية البيئة أو في مساعدة اللاجئين.
الخوف يتسلل إلى المدينة
لكن الأجواء الجميلة لفرايبورغ تزعزعت بمقتل الطالبة ماريا في منتصف أكتوبر الماضي التي تعرضت للاغتصاب، وعُثر على جثتها في نهر "درايزام". وكانت الطالبة في شعبة الطب في طريقها راجعة على متن دراجتها الهوائية من إحدى الحفلات إلى بيتها عندما سقطت ضحية الجريمة.
وألقي القبض في نهاية الأسبوع المنصرم على متهم به في الـ 17 من العمر، وهو لاجئ قدم في 2015 من أفغانستان إلى ألمانيا.
وعاشت المدينة صدمة، لأن الطالبة الضحية كانت تنشط في مساعدة اللاجئين، وهي باتت على ما يبدو ضحية لاجئ. وتتأرجح ردود الفعل في الشبكة العنكبوتية بين مندد ومن يدعو إلى التعقل قبل إصدار أحكام مسبقة.
ويقول أوفيه ماوخير، محرر لدى صحيفة "باديشه تسايتونغ" في حديث مع DW "البعض يقول نحن كنا نعرف هذه الأمور السلبية دوما. وهناك الآخرون الذين يقولون بأن الحادثة ليست سوى حالة فردية، ولا مكان للاتهامات العشوائية".
ضد الاتهامات التعسفية
وهذا ما لمسته مبادرة طلابية في فرايبورغ تنشط في مساعدة اللاجئين. فعائلة الشابة المقتولة حثت في إعلانها عن وفاة ابنتها في الصحيفة على التبرع لصالح هذه المبادرة التي تلقت فيضا من ردود الفعل المنددة. وحاول عمدة فرايبورغ ديتر سالومون عقلنة الجدل، وقال:"أن يكون الجاني على ما يبدو شابا من أفغانستان، فهذا يؤجج بالطبع مشاعر أولئك الذين زعموا دوما أن اللاجئين أشخاص أشرار. لكنني أطلب هنا ببساطة بشيء من التمييز وأعتقد أن سكان فرايبورغ يعرفون ذلك ويفعلونه. هناك شخص ارتكب جناية شنيعة، لكن هذا لا يعني بأن الآخرين يفعلون أيضا ذلك".
وتقف غالبية سكان فرايبورغ خلف موقف عمدتهم، لأنهم يرفضون الاستنباطات العشوائية. وعندما تجمع نحو 30 شخصا تلبية لنداء حزب "البديل لألمانيا" في المنطقة اعترضهم نحو 300 من المتظاهرين. وأصدر حزب "البديل لألمانيا" اليميني الشعبوي قبلها بيانا صحفيا قال فيه إن الطالبة ضحية ثقافة الترحيب المنتهجة من قبل المستشارة أنغيلا ميركل.
وقال أوفيه ماوخير إن ثقافة الترحيب واسعة في فرايبورغ: ومنذ بداية أزمة اللاجئين تشكلت في فرايبورغ حركة دعم عريضة، إذ يوجد الكثير من المبادرات تحديدا عبر موقع فايسبوك تقدم بسهولة وبسرعة المساعدة التي تشمل دروس الألمانية وأنشطة أوقات الفراغ".
الأجواء مستقرة رغم ما حصل
اغتيال الطالبة ماريا ليس هو العمل الوحيد الذي يبث انعدام الأمن في فرايبورغ، بل إن امرأة في الـ 27 من العمر اختفت بأسابيع قليلة بعدها في بلدة إندينغن الصغيرة المجاورة أثناء ممارستها رياضة الركض، وعُثر على جثتها بعد أربعة أيام، وهي ضحية جريمة جنسية لم تكشف الشرطة إلى حد الآن عن حقيقتها، ولا شيء يدل على وجود ارتباط مع جريمة قتل الطالبة ماريا. ويشعر النساء بوجه خاص بالخوف ولا يجرؤ بعضهن على الركض في الخلاء أو العودة ليلا من السينما.
وهذا الشعور بالخوف يتنامى منذ مدة في المدينة، كما يقول الصحفي أوفيه ماوخير الذي أشار إلى أن ساحة في غرب المدينة تحولت إلى موقع لبيع المخدرات من قبل مهاجرين من غامبيا، وقال إن الشرطة على علم بذلك، لكنها لم تقدم حلولا، كما يُسجل ارتفاع في عدد من يمتهنون سرقة أغراض المارة.
ويشير الصحفي ماوخير إلى أن "الجزء الكبير من الجناة المشتبه بهم هم للأسف من طالبي اللجوء، وهذه الجرائم جاءت لتغير الأجواء السائدة في المدينة".
ويُشار إلى أن الغالبية الساحقة من الأشخاص الذين قدموا إلى المدينة في الشهور الأخيرة كلاجئين لا يتسببون في مشكلات، وغالبيتهم مصدومة هي الأخرى من اغتيال الطالبة ماريا ويشجبون الأعمال الإجرامية.
فهل تتغير أجواء فرايبورغ بسبب فعلة شخص منفرد؟ الصحفي ماوخير يقول:"فرايبورغ مدينة ليبرالية ومنفتحة، والوضع لا يتغير بهذه السهولة، لكن عندما أنظر إلى ما يحصل في الإنترنيت، فلا يمكن لي الجزم بذلك".
كريستوف ركينغ/ م.أ.م
هذا المحتوى من موقع دوتش فيل اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل