المناطق الحرة ما لها وما عليها "2"
من المعروف أن أى مشروع يبدأ لا بد له من دراسة جدوى اقتصادية ومالية زمنية، وهذه الدراسة يتم فيها تحديد الإيرادات المتوقعة والمصروفات المتوقعة خلال مدة عمر المشروع، وهذه الإيرادات والتكاليف خصوصًا يتم احتسابها عن طريق التشريعات والقوانين الموجودة فى وقت الدراسة، فإذا تغيّر أحد البنود خلال سنوات المشروع تغيّرت الدراسة وتغيّرت نظرة المستثمرين سواء الموجودين حاليًا أو المنتظرين للاستثمار، لأن هذا فى وجهة نظر المستثمرين يعد عدم استقرار، وبالتالى يحدث نوع من الذعر لدى المستثمرين.
ولذلك فإن القوانين الأخيرة أو ما عُرف باسم قوانين 5 مايو 2008، هى التى ألقت الإعفاءات الضريبية على المناطق الحرة، كان يجب أن تأتى هذه الخطوة بعد دراسة مستقصية لمعرفة ما المبالغ المتوقع تحصيلها من الضرائب، وهل هذا يوازى فى الخطر الذعر الذى سيعود على المستثمرين.
ثانيًا: كان يجب أن تكون هناك فترة انتقالية للمشروعات القائمة الحالية، حتى يتم الاستعداد لهذه التكاليف الجديدة.
ثالثًا: كان يتم الإعلان عن أن المشروعات الجديدة فقط هى التى تخضع للضرائب والشروط الجديدة .. وبالتالى فإن المستثمر الذى يقبل عليها وهو يعلم تمامًا بجميع المعطيات الجديدة.. وبنود التكاليف الجديدة.. وعليه إما أن يقبل على هذه المشروعات أو يقوم بالاستثمار فى مجالات أخرى، لذلك فإننا نطالب الحكومة بأن تقوم بعمل دراسات مستفيضة قبل الإقدام على أى خطوة من خطوات إلغاء أو للتغيير الجوهرى فى أحد القوانين وبالذات قوانين السياسة المالية من ضرائب وجمارك وخلافه، وأن تشرك معها منظمات رجال الأعمال والمنظمات الصناعية وخلافه من الأحزاب حتى يتقبّل والشعب والمستثمرون هذه القوانين والقرارات، بل و يتم تنفيذ تلك القوانين برضا كامل من الشعب.
ونعود مرة أخرى للمناطق الحرة بكل أشكالها، وللتعرف على أساليب التهريب من هذه المناطق سواء مصانع أو مناطق ونجد أن حجم التهريب فى السنوات الخمس الأخيرة، خصوصًا منذ عام (2005)، قد زاد عن الحد، حتى إنه سبّب كسادًا لمعظم الصناعات الأخرى، خصوصًا صناعة الغزل والنسيج بسبب تهريب الأقمشة والمنسوجات، سواء فى صورة خام أو فى صورة منتجات تامة الصنع.
وذلك عن طريق التهريب بإحدى الطرق الآتية، وهى:
1- استيراد أقمشة ومنسوجات عن طريق المناطق الحرة أو مصانع المناطق الحرة، وبعد ذلك يتم تسريب معظم الأقمشة إلى الأسواق المحلية بأسعار تقل عن أسعار الخامات المستوردة من ذات الدولة، وذلك بسبب عدم فرض جمارك أو ضرائب مبيعات على تلك السلع..
2- أن يتم الاستيراد عن طريق (الدروباك) ثم يتم تسريب جزء من المنتج النهائى إلى السوق المحلية عن طريق الغش وغير ذلك وبأسعار أيضًا تقل عن أسعار السوق المحلية..
3- أن يتم تسريب كامل البضاعة إلى السوق المحلية وأن يكون ما تم تصديره فقط هو حاويات بها طوب وقش فقط وبذلك تتم الاستفادة من أموال الرسوم الجمركية وأموال ضرائب المبيعات، بالإضافة إلى رسوم دعم الصادرات والتى يحصل عليها معظم المصدرين والذين يقومون بالتحايل بمثل هذه الطرق، وفى عام ( 2008) قامت وزارة المالية بعمل كتاب دورى وتم توزيعه على جميع مأموريات الضرائب العامة وضرائب المبيعات وهيئة الاستثمار بعدم التعامل مع عدد (20 شركة).
وذلك لأن هذه الشركات تتبع الطرق الاحتيالية فى الاستفادة من المزايا الجمركية، ومن مزايا قوانين الاستثمار وبمراجعة بسيطة لملاحظات هيئة الاستثمار، وللقضايا التى تم ضبطها بمعرفة قضايا التهرب الضريبى والجمركى خلال السنوات الخمس الماضية فقط، نجد أن حجم التهرب بلغ نحو (150 مليار جنيه) يستحق عليهم ضرائب ومبيعات وضرائب عامة ورسوم جمركية ما لا يقل عـن (26 مليار جنيه)، هذا بالإضافة إلى استعادة هذه المصانع من رسوم دعم صندوق الصادرات وبلغت نحو 600 مليون جنيه خلال خمس سنوات..
ولذلك نرى الأتى:
1- لا بد من مراجعة شاملة عن كل الجهات الرقابية على جميع شركات ومصانع المناطق الحرة بشكل دورى..
2- أن يتم تغيير المسئولين عن الرقابة على المصانع والمناطق الحرة بشكل دورى..
3- أن يتم استخدام الأجهزة الحديثة فى الكشف عن الحاويات عن طريق الأشعة لمعرفة ما فى الحاويات..
4- أن يتم وضع مدد محددة لتصنيع الأقمشة والمواد الخام لتصبح مواد نهائية فى مدة محددة، وبعد ذلك يتم فرض رسوم جمركية على هذه المواد الخام حتى يتم بيعها فى السوق المحلية ..
5- أن يتم وضع معايير للجودة لمعرفة نسب الهالك فى كل صناعة وأن يتم الالتزام بهذه النسب حتى لا تكون مبررًا لباب فساد جديد، بهذه الآليات تستطيع أن تضبط الأمور فى المناطق الحرة سواء مناطق أو مصانع أو خلافه، وكذلك تتم الاستفادة من المناطق الحرة، لأنها تعمل على توفير فرص عمل، كما أنها تعمل على توفير التدريب للعمالة المصرية بسبب الاحتكاك بالعمالة الأجنبية..