رئيس التحرير
عصام كامل

ضمان أمن وأمان العدو الصهيوني !


جاءت السيدة كونداليزا رايس، وزيرة الخارجية الأمريكية، في عهد جورج بوش الابن، إلى القاهرة عام ٢٠٠٥، وألقت محاضرة بالجامعة الأمريكية، تحدثت فيها عن "الفوضى الخلاقة" في منطقتنا.. في تلك الأثناء، وأنا بمقر المركز العام للإخوان بالروضة - القاهرة - فوجئت بأحد الإخوة القريبين من الإخوان، ويعتبر نفسه منهم، يطلب مقابلتى على عجل.. كان هذا الأخ يأتينى بين حين وآخر ويتحدث معى في أمور الدعوة، وقد ترك لدى من خلال اللقاءات القليلة شعورًا بأنه لم يكن فطنًا بالقدر الذي يجعلنى أتبسط معه في الحديث أو المناقشة.. المهم، في تلك المرة جاء وأسر إليَّ بأن هناك شخصية مصرية هو يثق فيها ويقدرها ويحترمها ترغب في مقابلتى..


ولما سألته عن السبب الداعى للقاء، قال إن هذه الشخصية تنقل رسالة إلى من الإدارة الأمريكية مفادها أن الأخيرة حريصة على إحداث إصلاح ديمقراطى في مصر، وإن نظام مبارك ليس لديه الاستعداد لذلك، وإن الإخوان يمكن أن يكون لهم دور أساسى..

وتقترح الإدارة الأمريكية سيناريو لذلك يتضمن ٤ خطوات هي:

١) يقوم الإخوان بعمل تظاهرات كبرى على مستوى مصر كلها في وقت واحد، ٢) سوف يقوم نظام مبارك باعتقال الآلاف أو عشرات الآلاف من الإخوان، ٣) حينئذ تتدخل الإدارة الأمريكية لإزاحة مبارك عن سدة الحكم والإفراج عن الإخوان، ٤) تنصيب الدكتور عزيز صدقى رئيسًا مؤقتا لمصر، لحين إجراء انتخابات رئاسية، باعتبار أن "صدقي" من الشخصيات التي تنادي بالإصلاح الديمقراطي، والتي لها قبول لدى كل ألوان الطيف السياسي، والدليل على ذلك رئاسته الجمعية الوطنية للإصلاح الديمقراطي..

وقد اشترطت الإدارة الأمريكية في مقابل ذلك شروطًا ثلاثة:

ا) ضمان كل حقوق المواطنة كاملة، خاصة بالنسبة للإخوة المسيحيين وغيرهم، ب) ضمان حقوق المرأة في المناصب العليا للدولة، ج) ضمان أمن وأمان "إسرائيل"..

بعد أن استمعت مليًا، قلت لصاحب الرسالة: أبلغ هذه الشخصية أن الإخوان يريدون إصلاحًا سياسيًا بفكر وسواعد أبناء مصر، وأنهم لا يثقون في الإدارة الأمريكية لا كثيرًا ولا قليلا، وهى لا تبحث إلا عن مصالحها ومصالح العدو الصهيونى، وأن الشرطين الأول والثانى ليسا سوى غطاء للشرط الثالث.. وأردفت قائلا: أرجو أن يكون واضحًا أن الأمر مرفوض، فتحت زعم تبنى وتعزيز القيم الديمقراطية، ونشر السلام في منطقتنا العربية، كان سعى الإدارة الأمريكية - ولا يزال - متمثلا في كامل السيطرة والتحكم في المنطقة من ناحية، ومنح وإتاحة التفوق الساحق للكيان الصهيونى على كل الدول العربية مجتمعة من ناحية أخرى..

وقد حدثت محاولة أخرى عام ٢٠٠٩، عن طريق شخص آخر قريب لأحد الإخوان العاملين بمقر المركز العام.. هذا الشخص مصرى، متجنس بالجنسية الأمريكية، وكان ضمن حملة أوباما في انتخابات الرئاسة الأمريكية.. لم يكن هناك عرض سوى محاولة تسويق نوع من التعاون مع أوباما، في قضية الإصلاح السياسي في مصر، والقضية الفلسطينية وعملية السلام.. ولم يكن هناك رد منى، سوى ما قلته عام ٢٠٠٥.
الجريدة الرسمية