رئيس التحرير
عصام كامل

وصرح السيد المسئول: «قضينا على الفقراء»


حالة من التخبط واللغط أصبحت سيد الموقف في الشارع المصري، خاصة مع الزيادة غير المسبوقة سواء في السلع الأساسية، أو السلع الاستفزازية -وفقًا لتصريحات سيادة المسئول- هذا ولأننا شعب مرفه بطبعه و«بيحب يدلع نفسه»، صدر القرار بزيادة الأسعار الجمركية على 364 سلعة من الاستفزازية.


ولكن الأمر الذي لم تتفهمه الحكومة أو بالأحرى غاب عنها عن عمد أو سهوًا هو تنفيذ توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي بضرورة الاهتمام بمحدودي الدخل والفقراء من أبناء الشعب، وعليه أن تعمل الحكومة بوزاراتها وهيئاتها من أجل القضاء على الفقر، ولأن جناب المسئول «ساقط إملاء»، فأخطأ الفهم ولم يستطع التفرقة بين الفقر والفقراء فأصدر قرارات كفيله بالقضاء على الفقراء، وكأن أزمة البلد حلها في «الألف والهمزة»، وعليه «الحكومة بجلالة قدرها اتلخبطت بين القضاء على الفقر والقضاء على الفقراء».

وبالأمس القريب طالعتنا المواقع الإلكترونية بخبر مدعوم بمقطع فيديو نزل علينا كالصاعقة، كان بطلها اللواء عادل الغضبان محافظ بورسعيد و«راجل غلبان» يشتكي فيه للأول من ارتفاع سعر السكر وأن سعر الكيلو وصل لـ 14 جنيه، ولأن التقارير الواردة لمكتب سيادة المحافظ تنفي ذلك جملة وتفصيلًا وتؤكد توافر السلع الأساسية وأن السكر لا يتعدى سعره الـ 7 جنيهات، وبفطنة المحافظ أيقن أن ذلك المواطن ما هو إلا إخواني دسيس وعميل يعبث بمقدرات البلاد، فقرر المحافظ اتخاذ الإجراء القانوني والحازم بان أمسك بالمواطن قائلًا لمرافقيه، «والمصحف ما أنا سايبه، صور وخليك معاه علشان ده إخوان، ده والله إخواني لأن كيلو السكر عندنا بـ7 جنيه"».

ففي مشهد مأساوي ظهرت «الست جارتنا» بكل ملامح الفخر تحمل بيدها «كيس سكر»، قد ابتعاته من أحد البقالين، على أنه كيلو جرام (1000 جرام)، وبكل أريحية قالت: «الحمد لله جبت كيلو السكر بـ 14 جنيه»، نظرة متفحصة في العبوة وشك في أن يكون الوزن الطبيعي لها كيلوجرامًا بالفعل، قررنا وزنه وصحت التوقعات بأن الوزن كان نصف كيلوجرام (500 جرام) وسعره 5 جنيهات (500 قرش) _وفقًا لما هو مدون على العبوة_  ولكن لغة البيع والشراء لها رأي آخر «فهذا الكيس المسخوط بـ 14 جنيها».
وفي مشهد أكثر مأساوية قام صاحب أحد محال الأكلات الشعبية «فول وطعمية»، بتعليق ورقة مكتوب عليها، «عفوًا لا يوجد ساندوتش فول أقل من 2 جنيه منعًا للإحراج»، هذا ومن المتوقع أن يخرج علينا سيادة المسئول إياه «والله اللي بياكلوا الفول دول إخوان»، أو أن يسبح مسئول آخر خارج السرب ويبهرنا يتصريح لوذعي بأن «الفول» سلعة استفزازية.

كل ما سبق قادني لنتيجة واحدة حتمية أن جدي _رحمه الله_ كان يعيش في زمن المدينة الفاضلة حينما قال لي مثله الشهر «امشي مهيش ولا تمشي مكرش»، ولم أكن أفهم معنى تلك المقــولة إلا بعد أن نضجت وهي أن تحافظ على مظهرك دون الحاجة الملحة للمأكل حتى الثُمالة، ولم يكن يعلم _رحمه الله_ أن «أكل الغلابة»، جاء اليوم ليندرج على قوائم السلع الاستفزازية، فلم نعد نقدر على الاهتمام بالمأكل أو المظاهر وهذا ليس أمر اختياري، بل هو إجباري.

وتأكيدًا قالها _راجل صعيدي طيب_ «زمان كنت بشتري العدس ومكسوف الناس تشوفه.. النهاردة بتباهى بالنص كيلو وكأني دخلت البرلمان».
الجريدة الرسمية