واقع مؤسف
هناك فارق كبير بين مناخ الاستثمار في الصحف وتصريحات المسئولين والوزراء وبرامج التوك شو وبين الواقع المؤسف على الأرض، فالأول يتحدث عن دولة تعرف كيف تجذب المستمثر وتشعل أصابع يديها وقدميها أيضًا من أجل إرضائه وضخ أمواله؟ أما الثانية فحدث ولا حرج فيكفى أن تجلس مع أي مستثمر وتسمع منه ما يجبرك على التعاطف معه، فالشباك الواحد مجرد يافطة في الإدارات الحكومية يسكن خلفها عشرات القرارات المتضاربة والمتناقضة والتي تجبر أي مستثمر مصرى أو عربى على الفرار بجلده قبل أمواله، ما يتحدث عنه المسئولــون عن تصحيح مسار الاقتصاد كلام نظرى لا يسمن ولا يغنى من جوع، فالقرار عندما يخرج من مكتب الوزير حتى يصل إلى موظفيه في الإدارات والمحافظات يستغرق سنوات طويلة هناك فرق كبير بين الأفكار والاقتراحات والواقع.
مرات كثيرة سابقة تحدثنا فيها عن الشباك الواحد وجذب الاستثمار والاهتمام بالمستثمر الأجنبى وجذب رءوس الأموال الكبيرة ولكن دون جدوى، فالحكومة في وادٍ والرئيس في وادٍ آخر تمامًا.. الرئيس يتحدث عن وادى التكنولوجيا وهم يتحدثون عن التلغراف، هو يتحدث عن تنقية القوانين وهم يبحثون عن مزيد من الضرائب والجبايا، رئيس الدولة يريد دولة عصرية وهم يريدون دولة لا تعرف كيف تحصر بطاقات التموين مواطنيها؟ هو يتحدث عن القرارات الصعبة وهم يتحدث عن الحلول السهلة.
الشكوى على لسان الجميع في السياحة في الصناعات الغذائية في الجمارك في الضرائب في الاستثمار الزراعى والداجنى والملابس والمنسوجات والأدوية والطاقة والصناعات الثقيلة والاستثمار العقارى وكل شيء حتى الدولار أصبح أزمة أكثر من قبل كل هذه المشكلات والأزمات فماذا تفعل الحكومة؟ الإجابة لا تفعل شيئًا سوى إطفاء النيران والحرائق مرة أزمة السكر وأخرى الدواجن وثالثة الأدوية ورابعة وخامسة، وهكذا الحال كل يوم من مشكلة إلى أخرى تستنفد طاقة البلد والمسئولين في الهواء.
مصر دولة يحكمها الموظفون في كل إدارة ووزارة وحى وهيئة الوزير يقول مايريد والمحافظ يعطى الأوامر كيفما يشاء، ولكن في النهاية كلام الموظف هو ما يتم تنفيذه والجميع يعرف هذا عندما تريد أن تستثمر في مصر عليك أن تجهز ميزانيتين الأولى فوق الترابيزة والأخرى تحت الترابيزة والجميع يعرف هذا أيضًا.
هناك محاولات كثيرة من دول كانت أقل منا ولكنها بالاصرار والرغبة في إثبات الذات أصبحت في السماء ونحن مازالنا في نهاية الطابور استعرض مع نفسك ما ترتديه وتستقله وتشربه وتشتريه من الصباح حتى المساء بداية من لعب الأطفال حتى مكونات المصانع ستجد صنع في تركيا والهند وماليزيا والصين وسنغافورة وفرنسا والبرازيل ستجــد كل الدول حاضـــرة في خريطة التصنيع ماعدا مصــر حتى الإمارات أصبحت على خريطة التصنيع ستجد أتوبيسات نقل عام تجوب القاهرة من شرقهــا إلى غربها مكتوب عليها «صنع في الإمارات».
تركيا التي نختصرها في أردوغان تصدر إلى الخارج أكثر من 170 مليار دولار، أما نحن فنستورد أكثر من 70% من احتياجاتنا الغذائية، لا تقدم دون إنتاج فهل نتوقف عن إنتاج الكلام وننتج ما نأكله؟