بالمستندات.. «الجمهورية للمستحضرات الطبية» على وشك الإفلاس.. استجواب لوزيري «قطاع الأعمال» و«الصحة».. إغلاق الشركة يهدد باختفاء 19% من الأدوية.. ونائب يطالب بإعادة التسعي
تعد أزمة نقص الأدوية كارثة كبرى، استدعت خلال الأسابيع القليلة الماضية تدخل مؤسسة رئاسة الجمهورية وتوجيه حكومة المهندس شريف إسماعيل لتوفير الاعتمادات المالية اللازمة لاستيراد الدواء من الخارج، ومحاولة السيطرة على الأزمة، والسوق أيضًا.
ومراجعة الأسباب التي أدت إلى الأزمة لن تعطى حلولا لها فقط، لكنها ستكشف الأطراف الخفية التي تدير الأزمة، وتتكسب من ورائها، دون مراعاة لأرواح تزهق وأمراض تنتشر.
شركة الجمهورية
شركة الجمهورية للأدوية والمستلزمات الطبية، كيان حكومي منوط بها توفير الدواء، وبأسعار تناسب كل الفئات، إلا أن الشركة مؤخرا باتت على شفا حفرة من الإغلاق بـــ"الضبة والمفتاح"، الأمر الذي يهدد وبصورة مباشرة سوق الدواء، ولا سيما أن إغلاق الشركة، المنفذ الرئيسي للخامات، سيؤثر في نحو 19% من إجمالي ما يتم طرحه من أدوية في السوق، مع الأخذ في الاعتبار أنها – والشركات التابعة لها - تنتج نحو 1200 نوع من الدواء.
أزمة شركة الجمهورية فجرها النائب محمد الكومي، عضو مجلس النواب، عن حزب المصريين الأحرار، الذي تقدم بطلب إحاطة لرئيس المجلس، تمهيدًا للمطالبة باستجواب وزيري قطاع الأعمال والصحة في ظل الأزمات التي تهـدد بوقف إنتاج الشركة.
قال "الكومي" إن هناك أزمة كبرى في صناعة الدواء بمصر تهدد بوقف الشركات الإنتاجية، لا سيما "القابضة للأدوية" التابعة لوزارة قطاع الأعمال والمملوكة للدولة والتي تسهم في حفظ التوازن وتوفير سعر الدواء بسعر يتناسب مع المواطن.
وأضاف الأزمة بدأت تتكشف له عن طريق استغاثة وصلته من اللجنة النقابية بشركة الجمهورية للأدوية– إحدى الشركات التابعة للقابضة للأدوية والمملوكة للدولة، وتفيد المستندات أن شركة الجمهورية للأدوية تواجه مشكلة عدم توافر السيولة النقدية اللازمة لشراء الخامات والمستلزمات الطبية كما أن الشركات متعثرة عن سداد مديونيتها للجمهورية نظير المادة الخام.
ديون الشركات
كما تبين حجم دين الشركات المنتجة للأدوية، والخاضعة للدولة أكثر من 630 مليون جنيه، مما دفع شركة الجمهورية للسحب على المكشوف من البنوك لتدبير الخامات الدوائية للشركات ووصل 675 مليون جنيه وهو تخطى الحد الأقصى المسموح به كائتمان.
ووفق المستندات، التي يضمها الكومي للإحاطة والاستجواب، فإن الشركة القابضة للأدوية تنتج 1200 مستحضر منهما 840 يخسرون نظرا لبيعها بأقل من سعر التكلفة، وأن 70% من المستحضرات التي تنتجها الشركة قيتمها ما بين جنيه إلى 5 جنيهات و205 مستحضرات تباع بثمن من 5 إلى 10 جنيهات.
خسائر ومديونيات
وتلك الخسائر المتراكمة والمديونيات التي تجاوزت السقف تهدد بإغلاق الشركة الوحيدة (المنفذ التابع للدولة) والذي يجلب المواد الخام لتورد للشركات التابعة للقابضة لتصنيع الدواء مما يهدد توقف إنتاج ما يقرب من 19% من حجم سوق الدواء الذي يراعى في أسعاره البعد الاجتماعي للمواطنين، إضافة إلى تهديد ما يصل 25 ألف عامل وأسرهم –وفق استغاثـــة اللجنة النقابية- بالتشرد.
اجتماع القابضة للأدوية
وتفيد المستندات أن اللجنة النقابية للعاملين بشركة الجمهورية خاطبت رئيس القابضة للأدوية؛ وبعد تكرار المخاطبات وتقديم مذكرات توضح الأزمة، تم عقد اجتماع ضم الدكتور عادل عبد الحليم، رئيس الشركة القابضة، مع رؤساء مجالس الإدارات، ورؤساء القطاعات المالية بالشركات التابعة الخميس 3 نوفمبر الماضى، وتم الاتفاق على عدة قرارات لا تزال "حبرًا على ورق"، أبرزها تسديد مستحقات شركة الجمهورية للأدوية لدى الشركات التابعة للقابضة.
كما دعا مجلس إدارة الشركة إلى اجتماع طارئ بجلسة رقم (211) بتاريخ 20 نوفمبر الماضي استعرض خلاله الموقف الراهن وبيان المديونيات وتكرار مطالبة الشركات المنتجة للدواء سداد المديونيات عليها لتتمكن شركة الجمهورية من إتمام التزاماتها.
خطر الإفلاس
وحذر رئيس قطاع الشئون المالية من أن السحب على المكشوف لشركة الجمهورية وصل 675 مليونًا، وبلغ السقف الائتمانى، ما يعنى عدم قدرة الشركة على تمويل شراء خامات للتخزين أو البيع للجهات الاستثمارية أو الشركات الشقيقة – القابضة – ليس هذا فحسب ولكن عدم المقدرة على تمويل الرواتب وحوافز العاملين الشهرية.
كما عرضت الجلسة الطارئة رسائل خاصة بالشركات الإنتاجية – التابعة للقابضة للأدوية – منها مستندات شحنها بالبنوك والبضاعة بالجمارك بمبلغ 95 مليون جنيه وتلك الرسائل بتاريخ 10 أكتوبر، و7 نوفمبر الماضي، ومطلوب سداد المديونيات حتى يمكن للشركة الإفراج عنها.
كما تناقشوا بشأن خطابات البنوك المقرضة (الدائنة) لشركة الجمهورية والتي توضح تجاوز الحدود الائتمانية الممنوحة للشركة والذي تطلب فيه البنوك ضرورة إيداع نسبة 110% للدولار و115% لليورو من المعامل لقيمتها بالجنيه المصري نقدًا بالحساب الجاري الدائن للشركة وهو غير متوافر لديها الإمكانيات.
وأكد محمد الكومي، عضو مجلس النواب أن هناك وديعة بالبنك باسم القابضة للأدوية تصل نحو مليار جنيه وتترك إدارة الشركات العجز والانهيار الكامل للشركة الرئيسية (الجمهورية) والتي توفر المواد الخام مما يثير تساؤلات عديدة وعلامات تعجب هل هناك رغبة في سحب الشركة للخصخصة بصورة أو بأخرى؟!
وأضاف الكومي أن غالبية الشيكات الصادرة عن الشركات المنتجة للدواء – والتابعة للقابضة الحكومية والتي تصرف المواد الخام من الجمهورية- يرفضها البنك نظرًا لعدم وجود رصيد في حين يصرف رؤساء تلك الشركات لأنفسهم مبالغ ما بين ربع مليون ونصف مليون جنيه سنويًا كنسبة ربح.
وأعرب عضو مجلس النواب، عن استيائه من التصرف غير المفهوم من الشركات المنتجة للدواء والتابعة للقابضة بشأن قيامها بجلب مواد خام بعيدًا عن شركة الجمهورية وقيامها بسداد المستحقات المطلوبة منها، كما أبدى تعجبه من اعتزام رئيس القابضة للأدوية تشييد مصنع للمحاليل الطبية بالجابون بقيمة 250 مليون جنيه بالتعاون مع شركات خاصة، ولدى مصر مصنع النصر للمحاليل والذي توقف دون أسباب معلومة منذ قرابة عام ما تسبب في أزمة كبرى.
تسديد المديونيات
وطالب بضرورة سد القابضة العجز والمديونيات عن الشركات المنتجة للشركة الموردة "الجمهورية"، لضمان استمرارها، مشددا على ضرورة إعادة تشكيل غرفة صناعة الدواء على أن يصبح رئيسها من موظفي الدولة وليس من الذين لديهم مصالح خاصة.
وتابع: "هناك ضرورة لإعادة تسعير الأدوية حتى لا يكون الدواء المنتج من الشركات الحكومية بـ5 جنيهات، والذي يحمل نفس التركيبة الدوائية للدواء المستورد الذي يصل سعره لـ50 جنيهًا، مع مراعاة البعد الاجتماعى للمواطنين"، مؤكدا ضرورة إلزام كل الشركات المصنعة للدواء -خاصة كانت أو حكومية- لجلب المواد الخام من خلال شركة الجمهورية التابعة للقابضة للأدوية، مع ضرورة وجود خطة للتسويق للمنتجات التابعة للقابضة.