لمصلحة من ضرب صناعة الدواجن في مصر؟
قرار مجلس الوزراء منذ يومين بإعفاء الدواجن المستوردة من الرسوم الجمركية نموذج على اتخاذ الحكومة لقرارات غير مدروسة، ودليل على تجاهل الحكومة لأصحاب الشأن، ومجلس النواب، والجميع.. هذ القرار غير المدروس يطرح مجموعة من الأسئلة أولها: هل يصح لحكومة تقول إنها تعاني من العملة الصعبة أن تشجع على الاستيراد الذي يتطلب مزيدًا من العملة الصعبة؟ ألم يفكر مجلس الوزراء ومن قبله وزير المالية في النتائج المترتبة على قرار إعفاء الدواجن المستوردة من الرسوم الجمركية والذي من من شأنه أن يقلل من التوسع في استثمارات صناعة الدواجن ويخنقها في ظل إمكانية إغراق السوق بدواجن مستوردة؟ لمصلحة من هذا العبث في اتخاذ القرارات؟ لمصلحة المواطن؟
لم نسمع عن أزمة دواجن في السوق المصرية، فمنتجــو الدواجن قالوا إن صناعة الدواجن مستقرة، بل إن الدكتورة منى محرز، مدير عام اتحاد منتجي الدواجن، قالت أمس عبر برنامج "الحياة اليوم": "إن منتجي الدواجن وقعوا اتفاقًا مع وزارة التموين بتوريد 12 ألف طن دواجن، وأضافت أن صناعة الدواجن تحقق الاكتفاء الذاتي".
إذا كان وزير المالية يهدف مما عرضه على مجلس الوزراء إلى تخفيض سعر الدواجن المحلية في السوق، عن طريق خلق سعر تنافسي، كان يمكن لسعادته أن يطلب من مجلس الوزراء اتخاذ قرار بإعفاء الأعلاف المستوردة من الجمارك، فصناعة الدواجن في مصر تعاني نقصًا في العلف نتيجة بطء التوسع في زراعة الذرة الصفراء.
فوزير المالية كان يمكنه في حال أن أصدر قرارًا بإعفاء الأعلاف من الجمارك، أو قرار إعفاء مستلزمات صناعة الدواجن من الجمارك أن يضرب ثلاثة عصافير بقرار واحد: أولًا، كان القرار سيساعد على خفض سعر الدواجن المحلية أو ضمان عدم ارتفاع سعرها على الأقل، ثانيًا، القرار كان سيحفز الاستثمار في مجال صناعة الدواجن بما قد يساعد مجددًا على تصديرها وجلب العملة صعبة لمصر، كما أن القرار من شأنه أن يفتح مجال أمام المستوردين لاستيراد الأعلاف ومستلزمات صناعة الدواجن، هذا بافتراض أن معالي وزير المالية اتخذ قراره خوفًا من ألا يجد المستوردون ما يستوردونه!
لا يوجد مبرر آخر لإعفاء الدواجن المستوردة من الرسوم الجمركية سوى خوف وزير المالية من انتشار مرض إنفلونزا الطيور في السوق المصرية لتشح الدواجن ويتعرض السوق لأزمة، فأراد استباق تلك الأزمة.
لكن السؤال: ما علاقة وزير المالية بإنفلونزا الطيور؟ قد يبدو قرار وزير المالية منطقيًا إذا كان هناك مطالب من وزير الزراعة أو من قطاع الثروة الحيوانية والداجنة بوزارة الزراعة لإعفاء الدواجن المستوردة من الجمارك خوفًا من أزمة إنفلونزا الطيور، التقرير الأخير لقطاع تنمية الثروة الحيوانية والداجنة في عام 2014، والذي نشرته جريدة اليوم السابع أكد تطور صناعة الدواجن من خلال إنشاء ترخيص 15 ألف مزرعة دواجن باستثمارات 28 مليار جنيه و150 مصنع أعلاف لإنتاج 4 ملايين طن.
وبعيد عن التفاصيل التقنية.. فأين آليات اتخاذ القرار؟ ومن الذي صنع مثل هذا القرار؟ ولماذا لم يتم التشاور مع قطاع تنمية الثروة الحيوانية والداجنة بوزارة الزراعة؟ ولماذا لم يتم الاجتماع باتحاد منتجي الدواجن وكبار المستثمرين فيه لمعرفة حجم تأثير هذا القرار فى الاستثمار في مجال صناعة الدواجن؟ وقبل ذلك كله، لماذا لم يتم عرض الموضوع على لجنة الزراعة بمجلس النواب، وعلى المجلس لمناقشته ومناقشة وزير المالية؟
الإعلام كان يمكن أن يقوم بدوره عند عرض الموضوع على اتحاد منتجي الدواجن وعلى مجلس النواب، حيث يمكن لبعض الإعلاميين وقتها استعراض آراء الخبراء بما يسهم في نقاش مجتمعي حول الموضوع.
قرار إعفاء الدواجن المستوردة من الرسوم الجمركية يدل على عدم احترام آليات صناعة القرار والتي تتطلب بشكل بسيط استطلاع رأي أصحاب الشأن والمتضررين منه.
الأسئلة حول السر الخفي وراء اتخاذ قرار إعفاء الدواجن المستوردة من الرسوم الجمركية كثيرة ولكن، السؤال الأهم هو: هل يهدف هذا القرار لتخفيف العبء على جيب المواطن، أم أنه يهدف فقط لضخ أموال في جيوب آخرين؟