رئيس التحرير
عصام كامل

توفيق دياب يكتب: أعجب من عرفت


في مجلة الهلال عام 1944 كتب الصحفي محمد توفيق دياب مقالا، قال فيه:

"رجل هندي عرفته في لندن يدين بالإسلام ويدعو إليه في إيمان شديد لم يكن رأيت مثله من قبل، ولا من بعد.. محبة لله وهيام لرسوله، رجل في الخمسين..هندي السمرة، عربي الملامح، ممتلئ، الشاربان مهذبان فلا غلو في إطالة أو إخفاء، يرتدي الملابس الغربيّة ويتكلم الإنجليزية".


وتابع: "ذهبت مع صديق لي لزيارته الشيخ أحمد الهندي، أبتغي مزيد من المعرفة بجهود الروح البشرية حين تحاول العروج إلى الأفق الأعلى، دخلنا مسكنا وسطا بين الخشونة والترف..فسيح نظيف، داره لا يعدو الطابق الأول، وكل الدور حوله هكذا آهل بالسكان العاملين الطيبين، استقبلتنا صاحبة الدار، وكانت سيدة على رأسها التاج الفضي الناصع البياض..هي تقريبا في السبعين.. فرعاء بتعاء ذات بهاء وجلال، حسنة الهندام تلبس الأسود الأنيق".

وأضاف "دياب" في مقاله: "سألناها عن ضيفها الهندي تهلل وجهها ترحابا، وأقبل هو علينا بقلبه ولسانه، ووجدت في طيبته وزهده وحماسته عنصر الروحية لامعا متألقا، أصبحت من زوّاره، ولا يمر أسبوع دون أن أزوره مرة أو مرتين، يدهشني تأثيره العجيب على الموجودين، كان يحدثهم بلغتهم عن الرسول الكريم والدموع في عينيه لا يدع فيمن حوله قلبا إلا حرّكه، ولا مرتابا الا أقنعه، كان له علم عجيب، كان يتنبأ بأسماء الخيل المتسابقة في السباق، يكفيه أن يعرف اسم الحصان حتى يتنبأ بالنتيجة، وقلما كانت تخيب نبوءته، وبلغ من ثقته بعلمه في هذه الناحية أن وضع فيه كتابا أسماه "أسرار الأرقام".

وواصل، "كان عدد من الهواة الرابحين يبرقون إليه بحوالات مالية هي نصيبه مما كسبوا، لكن هذا المال ما كان ليبيت في بيته أو جيبه.. كان يوزعه على النساء المحتاجات الواقفات على أبواب الحانات والمقاصف دون أن ينظر إليهن أو ينتظر منهن كلمة شكر، ثم يعود إلى داره خالي الوفاض إلا من قطع فضية تعينه على الحياة، كان يقول أولئك النسوة التاعسات أشقى عناصر المجتمع، ولعل إحداهن إذا أعينت تتوب".
الجريدة الرسمية