شعراء الصعيد المنسيون
صدفة ولا أروع حدثت عندما تقابلت مع صديق الطفولة والعمر الشاعر محمد العريان، أحد شعراء نادي الأدب بأبوتيج محافظة أسيوط هنا في القاهرة، أثناء ذهابي إلى العمل، حيث لم يخطر ببالي يوما أن التقيه، خصوصا بعد أن أقمت في القاهرة وصرت أحد ساكنيها، بينما لايزال هو من عشاق أسيوط وساكنيها، والمسافة بينها وبيننا تزيد على الـ400 كيلو متر ويقطعها القطار في أكثر من 6 ساعات، وكنا لم نلتق منذ أكثر من 10 سنوات، وعندما سألته عن سبب حضوره فأجاني بدعوة لحضور ندوة شعرية في المجلس الأعلي للثقافة، للوهلة الأولى ظننت أنها تخصه وداعبته ممازحا: أخيرا وصلت.. فكانت الإجابة: لست أنا وإنما ندوة لأحد شعراء أسيوط المنسيين، تعجبت كثيرا، وسألته: من يكون؟ فأخبرني بضرورة الحضور، وأصر على حضوري معه وهو ما كان بالفعل.
هناك وداخل إحدي قاعات المجلس فوجئت بحضور حشد كبير من الشعراء المصريين والعرب، اذكر منهم المنشد المغربي جواد الشاري، ودكتور السعيد آخي أستاذ الأدب والنقد بإحدي الجامعات المغربية، والشاعرة المغربية بشري زروال، والعديد من الشعراء والمثقفين..
وهناك تعرفت على الأستاذ عماد عبد المجيد ابن "رحالة الشعر العربي" صاحب النصف مليون قصيدة شعرية المرحوم عبد المجيد فرغلي، الذي كان أحد شعراء أسيوط النابهين، وعلمت منه أن والده-عليه رحمة الله- له نحو نصف مليون بيت شعري، منها 64 ألف بيت شعري في ملحمة الخليل إبراهيم، و36 ألف بيت في ملحمة السيرة الهلالية، و2850 بيتا شعريا في ملحمة نداء القدس، وله ملاحم أخرى عن الخلفاء الأربعة، بالإضافة إلى خالد بن الوليد، وسعد بن أبى وقاص، وملحمة عن حرب العراق، وله العديد من المعارضات الشعرية لكبار الشعراء كامرئ القيس، والشماخ، وأبو العتاهية، وابن الرومي، والبوصيري، والبارودي، وحافظ إبراهيم، ومحمود حسن إسماعيل..
وقام بإهدائي كتابا كان قد أعده يسرد خلاله تاريخ والده يحمل عنوان "عبد المجيد فرغلي سيرة ومسيرة"، وشكا لي من تأخر وزارة الثقافة في إطلاق اسم والده على أحد قصورها، وخصوصا نادي أدب صدفا الذي أسسه، وكان عميدا له حتى قبيل وفاته، برغم صدور قرار بذلك وحتى الآن لم ينفذ، واشتكي من أنه حني الآن لا يعرف سببا لذلك؟!
ولأنني لم أكن أعرف شيئا عن شاعرنا الكبير فقد استغرقني الكتاب كثيرا، ولم أشعر بنفسي إلا بانتهاء ندوة المجلس الأعلي للثقافة مع وعد بلقاء متجدد كل عام مع رحالة الشعر العربي عبد المجيد فرغلي.
