رئيس التحرير
عصام كامل

ورقة علمية تبحث كيف يكسر محرك ناسا الجديد قوانين الفيزياء


نشر العلماء في وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) مؤخرًا ورقة علمية تؤكد أن المحرك الفضائي الجديد "إى. إم درايف" المثير للجدل، نجح في الاختبارات الجديدة وأثبت قدرته على العمل، على الرغم من تحدي هذا المحرك لقوانين الفيزياء المعروفة.


وأكد فريق “ناسا“ أن هذا المحرك الفضائي - الذي وصف "بالمستحيل" - أثبت جدارته.. فبعد سنوات من التكهنات، توصل فريق البحث في “مركز جونسون للفضاء” التابع لوكالة “ناسا” الأمريكية، إلى اكتشاف هام، كان العديد من الخبراء يعتقدون أنه "مستحيل".

فقد أصدر الفريق رسميا، خلال الأسبوع الحالي، أدلته التجريبية لنظام الدفع الكهرومغناطيسي الذي يمكن أن يزود المركبة الفضائية بالطاقة من خلال الفراغ دون استخدام أي نوع من بالوقود.

لكن المشكلة، كما تقول مجلة “ ناشيونال جيوجرافيك” الأمريكية، هي أن محرك "إي إم درايف" يخالف قانون نيوتن الذي ينص على أن لكل فعل رد فعل مساو له في القوة ومضاد له في الاتجاه، حيث يوضح هذا المبدأ، على سبيل المثال، لماذا ينزلق زورق إلى الأمام عندما يجدف الراكب، فالقوة المطبقة هنا أنه عندما يتحرك المجداف من خلال الماء تدفع الزورق في الاتجاه المعاكس.. وهو القانون الذي يستند إليه أيضًا عمل المحركات النفاثة التي تولد قوة الدفع، حيث يطرد المحرك الغازات الساخنة إلى الوراء، وبذلك تتحرك الطائرة للأمام.

ووفقا للفريق، فإن المحرك الكهرومغناطيسي، "إي إم درايف"، يحول الكهرباء ببساطة إلى قوة دافعة عن طريق ضربات ارتدادية حول موجات ميكروويف داخل تجويف مغلق.. ووفقا للناحية النظرية، يمكن لهذا المحرك خفيف الوزن في يوم ما إرسال مركبة فضائية إلى المريخ خلال 70 يوما فقط.

وتقول المجلة الأمريكية إن الشىء الغريب هو أن المحرك “إي إم درايف” لا معنى له في ظل القانون الثالث “لنيوتن” أو أي مبدأ آخر في الميكانيكا الكلاسيكية، وهو الحفاظ على القوة الدافعة، إذ يتحرك “إي إم درايف” قدما دون طرد أي شيء من الخلف، كما أنه ليس هناك قوة في الاتجاه المضاد لشرح شدة القوة الدافعة للأمام.. وإنه كأن تقول مثلا بأن شخصا ما داخل سيارة يمكن أن يدفعها إلى الأمام من خلال ضرب عجلة القيادة مرارا وتكرارا، أو أن طاقم سفينة الفضاء يمكن أن يجعلوها تطير إلى وجهتها بالضغط ببساطة على الجدران.. ويبدو أن المحرك “إي إم درايف” يتحدى قوانين الفيزياء الكلاسيكية، لذلك حتى لو كان يقوم بما يزعمه الفريق، لا يزال العلماء غير متأكدين من كيفية قيامه بهذا الأمر في الواقع.. وقد قوبلت التقارير السابقة حول المحرك بقدر كبير من الشك، حيث رفض العديد من الفيزيائيين نسبة هذا المحرك لعالم العلوم المثبتة.

وعلى الرغم من ذلك اجتاز المحرك أحدث مستوى من التدقيق والمراجعة من جانب العلماء المستقلين الذين أثبتوا أن المحرك “إي إم درايف” يعمل بالفعل.. ويتساءل العلماء هل هذه هي بداية ثورة في السفر إلى الفضاء، أو مجرد بداية خاطئة أخرى للمحرك "المستحيل" لسفينة الفضاء.

وتجيب مجلة ناشيونال جيوجرافيك عن التساؤل عما يعنيه صمود المحرك "إي إم درايف" أمام مزيد من الاختبارات، بقولها إن معناه أن المركبات المستقبلية يمكن أن تندفع عبر الفضاء دون الحاجة إلى أن تكون محملة بأطنان من الوقود.. فمن الهام في السفر إلى الفضاء، بقاء المركبة خفيفة من أجل السرعة وفعالية الرحلة من حيث التكلفة لمسافات طويلة.

تجدر الإشارة إلى أن العالم إسحق نيوتن نشر في عام 1687، قوانين الحركة الثلاثة التي شكلت الأساس لعلم الميكانيكا الكلاسيكية على مدى القرون، وقد تم اختبار تلك القوانين والتحقق منها مرارا وتكرارا.. وفي عام 2014، أثارت مجموعة علماء مختبر إيجل ووركس موجة من الانتقادات والرفض، عندما أعلنت نتائج الاختبارات الأولية عن فاعلية عمل المحرك إي إم درايف. ومنذ ذلك الحين، أجرت مجموعة مختبر أيجل ووركس مزيدا من الاختبارات للمحرك في ظروف أكثر صرامة، بما في ذلك التجارب الأخيرة.. ومؤخرا، نشر فريق علماء ناسا الذين قاموا بتطوير المحرك "إي إم درايف"، نتائج تجاربهم في مجلة علمية تعرف باسم "مجلة التحكيم"، لمراجعتها من قبل الخبراء في المجال.. وقد أشار عدد كبير من العلماء المستقلين إلى أن نتائج التجارب مقبولة.

وكان العالم البريطاني روجر شوير، قد اقترح فكرة هذا المحرك لأول مرة منذ ما يقرب من 20 عاما، ومن ثم قام المهندسون في مختبر أبحاث الفيزياء المتقدمة في وكالة ناسا، والمعروف بشكل غير رسمي باسم إيجل ووركس، بتطوير وتصنيع المحرك إي إم درايف واختباره.. وببساطة، يولد محرك "إي إم درايف" طاقة كهرومغناطيسية (موجات الفوتونات الصغيرة) في غرفة مخروطية الشكل مغلقة. تصطدم هذه الفوتونات مع جدران الغرفة، وبطريقة ما تدفع الجهاز إلى الأمام، على الرغم من حقيقة أنه لا يتم إطلاق أي شيء من الغرفة.
الجريدة الرسمية