رئيس التحرير
عصام كامل

ويعنى إيه تجديد؟!


الكلام في التجديد على ودنه، كلام كلام، لكن لا تجديد ولا يحزنون. السؤال: كيف نجدد؟ ومن الذي يمكن أن يجدد والمشايخ نفسهم يقلدون؟

الذين يقلدون، لا يجددون، لأن الإسلام ليس دينا رجعيا، فالذين لا يجددون لا يعرفون الله، ولا يعرفون مقاصده من التشريع. والذي لا يعرف مقاصد الله، لا يعرف الله.


السؤال: ما الذي نحتاجه لبدء تجديد حقيقى في الخطاب الدينى؟ الاجابة: نحتاج لإعادة تنقية هالات القداسة التي أضيفت بلا سبب، ولا نص، ولا معنى إلى غير المقدس.

فالتجديد، ببساطة، يعنى رفع الهالة الشرعية عن "التراث الإسلامي"، وتصحيح اعتباره الفقهى، من اعتماده كأصل دينى، إلى اعتباره مجرد "اجتهادات بشر" يمكن الأخذ منها، ويمكن أيضا تركها إلى غيرها حسب المستجدات، ومتطلبات العصر.

التجديد، مثلا، يبدا من إعادة تنقية الحديث النبوى، والسنة.. يبدأ من اقتناع مشايخ الأزهر، بضرورة إعادة النظر في صحة كثير من المنسوب للنبى (ص) من سنن أصبحت أصلا دينيا، مع أن كثيرا منها فيه كلام.

التجديد، يعنى اعتبار نظرة المسلمين الأوائل للقضايا الإسلامية، وأحكامهم فيها مجرد"تراث"،، والإسلام المفترض فيه صلاحه لكل زمان ومكان، لا يمكن أن يستقيم على تراث.

بالتجديد الحقيقى، لابد أن يعاد فتح باب الاجتهاد، وأن يعاد النظر إلى المسائل الشرعية في عصرنا الحالى، وفق قواعد جديدة، ونظرة مختلفة، عن نظرة ابن حنبل، وابن تيمية، وسفيان الثورى.

التراث، مهما كان ليس مقدسا. التراث كلام وأفعال واجتهادات بشر. لذلك يبدأ التجديد من تحديد ما هو تراث، وما هو ليس كذلك.

ما معنى التراث؟
التراث، هو كل ما قام به، بشر، في أزمنة سابقة، ويمشل اجتهاداتهم، وطرقهم في استنباط الأحكام الشرعية من القرآن الكريم. كلام الصحابة، واجتهاداتهم في الدين، وتفسيراتهم لآيات القرآن الكريم، كلها تراث. تفسير الصحابة لكلام الله، ليس هو كلام الله، إنما هو فهمهم هم لكلام الله.

اجتهادات أبو بكر(رض)، وعمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعلى بن أبى طالب، ومن بعدهم الزبير بن العوام، وعبد الرحمن بن عوف، وابن عباس، والسيدة عائشة.. كل هذا تراث، من وجهة التجديد الحقيقي، وعليه يجوز للمسلمين في العصر الحديث، مخالفة ما رأه الصحابة في الأحكام الشرعية، وفى القضايا الإسلامية، ويجوز أيضا ابتكار حلول دينية جديدة ومختلفة، لكثير من القضايا، حتى لو خالفت هذه الآراء آراء أبي بكر، أو اختلفت عما أخذ به الخليفة الراشد الثالث عثمان بن عفان.

التجديد هو المرونة في الدين. والمرونة تبدأ من عدم حصر الإسلام، في عصور الأولين، وإضفاء القداسة الشرعية على عصور الأوائل، بلا سبب. فإذا كان كلام المسلمين الأوائل، وتفسيراتهم لكتاب الله، وأحكامهم في القضايا الاجتماعية تراثا، فالقرأن ليس كذلك.

تعمد تحويل القرآن الكريم إلى تراث.. كارثة دينية.. توقف النص عند زمن الأوائل، وتجعل الإسلام رجعيا.. صلبا.. نقيس به شرعية فوائد البنوك، على أحكام الإمام الشافعى.. والإمام ابن حنبل.. بينما لا كان الشافعى يفهم في الاقتصاد، ولا درسه ابن حنبل في الجامعات!

القرآن الكريم كلام الله، لكن اجتهادات الصحابة سلوك بشرى خالص، يجوز فيه الخطأ.. ويجوز فيه إعادة النظر.

الذي جمد الإسلام، وأثار المشكلات، بين المسلمين، وبين المجتمعات الأخرى، في العصر الحديث، هو تعمد الملسمين قصر الإسلام على سلوكيات الأولين، وأحكامهم واجتهاداتهم، بحكم أنهم كانوا الأكثر فهما لدين الله.. ولم يكن هذا صحيحا.

الخطيئة الدينية، هي قصر الإسلام الصالح لكل زمان ومكان، على مسالك الصحابة، وفتاوى ابن حنبل، و الإمام مالك، واعتبار المالكية والشافعية، هم الدين، وأحكامهم، هي أحكام الله.

لم يفعل النبى (ص) نفسه هذا، ولا فعله الصحابة.

أمر النبى(ص) قائده بريدة، وهو خارج للحرب، إذا انتصر، فلينزل عدوه على حكمه الشخصى، ولا يقول إنه حكم الله، قال(ص): إنك لا تدرى ما حكم الله فيهم!!
الجريدة الرسمية