صداع يقطع الطريق!
السبت: صُداع عنيف يكتنف رأسى، بالبلدى مصدَّع يعنى، لا أرى ما أمامى، أي كلمة أو همسة أو صوت تنفُّس خارج من صدر واحد من جيراننا في آخر الشارع يزعجنى جدًا ويُضاعف الوجع في جمجمتى، أبدأ رحلة البحث عن أسبرين في البيت فأعود خالي الوفاض فتتضاعف قوة الصُداع على سبيل العند وكأنه بيطلَّع لى لسانه وبيقول كان غيرَك أشطر، بالذمة حَد شاف صُداع بيطلَّع لسانه قبل كدة؟!
الأحد: تتضاعف قوة الصُداع ويوشِك رأسى المسكين على الانهيار وأنهار معه بالتبعية، يتعامل ذلك اللعين مع دماغى على طريقة سكتناله دَخَل بحماره، تخيَّل أن يكون في رأسك صُداع راكب حُمار كمان؟ أبحث بلا جدوى مُجددًا عن أسبرين أو مُسكِّن لا أجد إلا رباطًا ضاغطًا ومضمضة للأسنان لما "بتفكَّر تستهبل رخرة"، اكتشفت وجود سم فئران، لكن هل يُمكن أن يموت الحُمار بسم الفار؟ حتى لو مات الحُمار فإن الصُداع سيبقى داخل رأسى "قاعد أو نايم أو ماشى حافى"!
الاثنين: قررت اللجوء للدولة لكى تضطلع بمسئولياتها تجاهى، لكن لابُد أن تكون الشكوى جماعية ليصبح تأثيرها أقوى، ألححت على عدد من أصدقائى ليشاركونى في الإجراء المُزمَع اتخاذه، كان ردهم الرفض لسبب بسيطً هو إن معندهمش صداع، ألححت مُجددًا وأنا أستعيد في ذهنى تلك القدرات الإلحاحية التي تتميَّز بها زوجاتنا جميعًا فنجحت في إصابتهم بالصُداع مثلى وربما أكثر، محدش أحسن من حَد كدة، الآن صار بإمكانى الوصول أخيرًا لفائدة حقيقية من الزواج!
الثلاثاء: بدأنا وقفة احتجاجية في نهر الطريق، غنى عن الذكر أن نهر الطريق مفيهوش ماء، لكن فيه سيارات بتجرى، لا يُمكن نشرب السيارات طبعًا، لكن سنوقف جريانها ونقطع ميَّة ونور وأكل وشُرب ومدارس ودكاترة عن الخلق حتى تخلق لنا الدولة الحَل، فإما تجيب لنا دواء للصُداع أو تتخذ قرارًا بإبادة الزوجات من على وجه البسيطة؛ وبما أن القرار المطلوب صعب التنفيذ كون المرأة لا تفنى ولا تستحدث من العدم؛ فخلاص يجيبولنا الدوا وإلا هنفضل قاطعين الطريق كده؛ فنحن لسنا أقل من غيرنا، والطريقة دى محفوظة ومعروف نتيجتها الرائعة، اقطع الطريق تنَل ما شئت فورًا، ولعلمك محدش هيقدر يلمسَك وإلا جماعات حقوق الإنسان ستنتفض دفاعًا عن حقك في قطع الطريق وقطع رقبة اللى يتعرَّض لك!
الأربعاء: وصل لمقر اعتصامنا في نهر الطريق وفد من وزارة الصحة، قرروا إجراء الكشف الطبى علينا، وصلوا إزاى والطريق أصلًا مقطوع والسيارات على الجانبين تقف في طوابير بلغت عشرات الكيلومترات بينما انضم إلينا سائقوها ورُكابها وهُما بيخبطوا رءوسهم في عمدان النور من الصُداع والنكد الذي تسببنا لهم فيه، المُهم إنهم وصلوا وخلاص جايز بهليكوبتر، في نوبة الصُداع المُقبلة سنقطع طريق الهليكوبتر هو كمان على سبيل التطوير، المُهم رفضنا تناول الأدوية التي منحونا إياها، هو إحنا هبل؟ مش يمكن ده سم فيران زى اللى في بيتنا؟!
الخميس: بدأنا في تصعيد المطالب، طلبنا علاجنا في الخارج، عددنا أصبح بالآلاف، هاتولنا باخرة كبيرة زى تيتانك هنا علشان تاخُدنا على ألمانيا أو كندا نتعالج هناك، لن يجدى معنا المُبررات الفارغة إننا واقفين بعيد عن البحر أو النيل، إحنا في نهر الطريق بلاش صياعة، خلى الباخرة تمشى وتيجى لحد هنا وتاخُدنا مُعززين مُكرمين وإلا هنفضل قاطعين الطريق كده إلى يوم الساعة وربنا!
الجُمعة: قرر (محمد البرادعى) مُناقشة أزمتنا وتدويلها فهبدنا تويتة تأييد مُباركة مؤكدًا أن قطع الطريق بسبب الصُداع هو فعل إنسانى غريزى بشرى ينبغى على الدولة أن تراعيه وأن تمده بكل وسائل الراحة دونما المساس بالحُمار بتاع الصُداع أو بتاع التويتة على حدٍ سواء!
السبت اللى بعده: تصدَّق الصُداع بدأ يروح؟ لكن العشرة متهونش غير على ولاد الحرام، إن خيمة الشاى، وجنبها خيمة السَمَر، وبعدها خيمة الراحة، وعلى شمالها خيمة الاجتماعات، وبالقرب منها خيمة فاضية للتأمُّل في أحوال الصُداع، كلها مُنشآت عملناها بعَرَق صُداعنا هنا في نهر الطريق، ولا يُمكن التخلى عنها بهذه البساطة لمُجرَّد أن الصُداع راح لوحده كده، لهذا قررنا استئناف الاعتصام في نهر الطريق لحين تقديم الدولة لتعهُّد بعدم المساس بالخيم والمُعسكر لحين العودة لهم من جانبنا كُلَّما أصابنا الصُداع، فحق العودة لنا مهما طال الزمن!
الأحد: كُنا قد انصرفنا بالفعل وجاءتنا الأخبار أن تطورًا سخيفًا حصل في المُجتمع، كُل اللى كانت زمان بتزعل من أهلها علشان مش راضيين يجوزوها من حبيبها تقوم تقطع شرايينها، قررت تقطع الطريق بدل شرايينها في المنطقة تبعنا المُخصصة لقطع الطريق لغرض الصُداع فحسب، قال يعنى من قلة الطرق التي يُمكن قطعها، لذلك قررنا تحرير طريقنا الخصوصى وقمنا بتوجيه النُصح للست أم شرايين علشان تشوف مع زملائها وزميلاتها طريقًا آخر لقطعه، ربَّك والحق كانوا مُتفهّمين فانتقوا طريقًا آخر وسابولنا طريقنا!
الاثنين: كُل شوارع البلد مقطوعة، اللى عايز يولَّع سيجارة ومش لاقى كبريت قطع طريق، واللى محتاج كوباية شاى ومكسِّل يعملها قطع له طريق، الزملكاوية قطعوا طريق رئيسى مُطالبين بالفوز بالدوري، الأهلاوية ردُّوا بقطع طريق رئيسى آخر مُطالبين بتحكيم نضيف، جار إعداد طريق هو الأكبر على مستوى مصر كُلها من أجل أن تقطعه جماهير المُنتخب مُطالبة بوصولنا لكأس العالم!
الثلاثاء: أثناء مرورى فوق كوبرى أكتوبر فوجئت بأكبر صوان عزاء في العالم تقريبًا، وعرفت أن الدولة المصرية هي القائمة على تشييده فوق الكوبرى لتلقى العزاء في القانون ووعى الشعب معًا.. البقاء لله، ربنا يعوَّض علينا!