رئيس التحرير
عصام كامل

انطلاق ملتقى القاهرة الدولي للترجمة بالأعلى للثقافة (تقرير)

 الدكتورة أمل الصبان
الدكتورة أمل الصبان الأمين العام للمجلس الأعلي للثقافة

افتتحت الدكتورة أمل الصبان، الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة، والدكتور أنور مغيث مدير المركز القومي للترجمة ملتقي القاهرة الدولى للترجمة بعنوان "الترجمة مشروعا للتمنية الثقافية" بقاعة المجلس، والذي يستمر حتى صباح غد الخميس.


وحضر المؤتمر كل من الدكتور محمد حمدى إبراهيم مقرر لجنة الترجمة، والدكتور عبد السلام المسدى الذي ألقي كلمة المشاركين في الملتقي وشيخ المترجمين محمد عناني، الدكتور تهاني الجبالي، والدكتور صلاح فضل، وأشرف عامر رئيس الإدارة المركزية للشعب واللجان بالمجلس الدكتور حسين محمود، الدكتور حسين حمودة، والدكتور طارق النعماني، الدكتور خلف الميري، والدكتور سهير المصادفة، وكثير من المختصين والمترجمين المصريين والعرب.

ومن جانبها قالت الصبان إنه من بديهيات عصرنا أن الترجمة تعد عنصرا فاعلا وأصيلا في تطور العلوم والمعارف الإنسانية، وأنها تتناسب بطريقة طردية مع حركة التقدم لأي مجتمع، سواء في القديم أو الحديث، فالترجمة لا تقتصر على العلوم الإنسانية البحتة من آداب وفنون وفلسفة وقانون، وإنما لتشمل أيضا مجالات العلوم البحتة النظرية والتطبيقية، لأن المعرفة شبكة حيوية تربط بين مجالات النشاط الإنساني على اختلافها، وأكدت أن الترجمة هي وسيلة مهمة من وسائل اكتساب تلك المعرفة والتبادل الثقافي والحضاري بين الشعوب، ومثلت على امتداد تاريخ الإنسانية جسرا للتبادل الثقافي النشط القائم على الاستعادة والإثراء المتبادل بين الثقافات، كان له دوره المؤثر في النمو الثقافي لشعوب العالم، وكان لهذا التبادل دور مهم في تكوين التراكمات الثقافية التي شهدها تاريخ الثقافة الإنسانية وفي دفع مسيرة التقدم الثقافي.

وأضافت أن العرب أدركوا في نهضتهم الحضارية الأولى أن الترجمة رافد حيوي لتنمية وتفعيل جهودهم في مجالات الطب والهندسة والرياضيات والفلك والصيدلة والفلسفة والنقد والبلاغة أيضا، ونتيجة الترجمة أصبحت اللغة العربية قادرة على إنتاج الجديد في كل مجالات المعرفة، كما أوضحت أن الترجمة هي عصب التفاعل بين الثقافات، وتطرقت الصبان أيضا لوظائف الترجمة وأدوارها ومنها الدور التكويني والأسلوبي والأدبي والتدريبي والقومي والمسكن والديمقراطي والتحديثي والثقافي والاستيرادي والانتقائي والتجديدي والتعليمي والعالمي.

فيما وصف مغيث الترجمة بأنها ظاهرة وثيقة الصلة بوجود الإنسان وبالتنوع البشري، وبأنها ستظل لها دورها الحيوي طالما ظل الإنسان محبا للاستطلاع، مضيفا أن الترجمة تشهد منعطفا تاريخيا يزداد مع الأيام أهمية، تلك الأهمية أضافت إلى مهامها مهام أخرى جديدة وبذلك تحولت الترجمة إلى قضية مطروحة في تأملات الفلاسفة المعاصرين.

وأكد أن العالم الآن يشهد موجات هجرة غير مسبوقة بسبب التفاوت الاقتصادي والحروب والصراعات على مستوى الكوكب، كذلك النمو المتسارع في وسائل الاتصال مما جعل الترجمة تعيش ظرفا غير مسبوق لم تتحدد ملامحه بعد، لكنها دون شك استطاعت رغم كل ذلك عبر سنوات أن تسمح لأبناء كل ثقافة محلية بالاطلاع على ما يدور حولهم في العالم لكي يعوا المسار الذي تسير فيه البشرية نحو مستقبلها، وأشار إلى أنه قد تردد كثير من الشكوى بأن العولمة سوف تطيح بالثقافات المحلية لصالح ثقافة رأسمالية كبري مهمينة، وأن هذا الأمر سوف يؤدي إلى الإطاحة بالتنوع الثقافي للبشر، لذلك فالترجمة سلاح فعال لتفادي هذا المصير.

وقال الدكتور حمدي إبراهيم أن الترجمة هي الأساس الذي يبني عليه حضارة مزدهرة وثقافة عميقة فعالة، وأن الحضارة العربية الإسلامية شهدت حركة للترجمة قل أن يوجد نظير لها، ومن الغريب أن يكون هذا هو ماضينا ونعجز عن مضاهاته في أيامنا الحاضرة برغم التقدم الهائل الذي نحيا في ظله ونتمتع بثماره، وأشار إلى أن اليابان وفرنسا من البلدان التي تترجم كل كتاب يصدر في العالم فورا، ونحن الآن نطمح إلى أن يكون مستوى تقدمنا معادلا لمستوي دورنا الإقليمي، مؤكدا أن الثقافة حركة مجتمع وإنتاج دولة بشعبها وأفرادها، ولن تنهض ثقافة تركز فقط على أجهزة الدولة، وليس صحيحا أن الدولة لا ترعى وتدعم الإنتاج الثقافي.

وعن أهمية الترجمة تحدث الدكتور عبد السلام المسدي قائلا: بأن الملتقي جاء لفتح سجل الترجمة ليس لكونها عبور للدلالات والمقاصد من لسان إلى لسان آخر، لكنها خيار اضطراري بين غربين من الترجمة التي أصبحت جسر العبور للتنمية الثقافية، مضيفا بأنه في مطلع الألفية الحالية انفجرت الأبراج واحتلت أفغانستان ودِيست الأرض العربية بأحذية الغزاة وجاء التقرير الذي أصدرته الأمم المتحدة بأن ما ترجمه العرب منذ عهد الخليفة المأمون لايساوي ما تترجمه إسبانيا في عام واحد وظهر أن التخلف السياسي وليد التخلف المعرفي في الترجمة وبهذا تصبح الترجمة بحق ركنًا أساسيًا في التنمية الشاملة، فهي كما قال ليست ترفًا ولا بذخًا.

كما أكد المسدي على ضرورة أن يهتم ويشارك صناع القرار في هذا الملتقي حتى يأتي بثماره التي ينتظرها الجميع، فمشروع الترجمة كما وصفه يعد من المشاريع الكبري التي يجب أن تلقى كل الدعم والمساندة.

واختتم كلمته بدور مصر الريادي الذي لا يمكن لأي دولة غيرها أن تقوم به، فهي دائما ما تنهض بالمشاريع الرائدة ذات الصبغة العالمية والدولية مثل حوار الثقافات وجدلية الأنا والأخر وغيرها، فليس سواها قادر على أن يفعل ذلك، ومن هنا يأتي هذا المؤتمر في سياق خطة ثقافية قومية تميز بها المجلس الأعلى للثقافة، وهو صدى لخيارات سياسية كبري ركزت عليها مصر، وهذه المؤسسة أعنى المجلس الأعلى للثقافة، فقد أنجز طيلة العقود الثلاثة الماضية ما لم تستطع أية مؤسسة عربية أخرى في تحقيقه وهو جمع شمل كل المثقفين العرب، وكان هذا صنيعها هذا شهادة تاريخية على أن الثقافة العربية ثقافة متضامنة، متوحدة، حتى لو تشتت الخيارات السياسية في الوطن العربي، وتمنى أن يكون المؤتمر ركيزة قوية تسد ثغرات العالم العربي الثقافي المشترك والذي لم يُفلح حتى الآن في جمع شمل المثقفين العرب.
الجريدة الرسمية