رئيس التحرير
عصام كامل

لكي نجفف منابع الإرهاب!! (3)


مما لا شك فيه أن أهم مرحلة من مراحل العلاج، وذلك بعد التشخيص الصحيح، والدقيق للمرض هو وصف العلاج الشافي بإذن الله تعالى، وإذا كان الإرهاب –كما أسلفتُ- مرضًا خطيرًا عضالًا يضرب المجتمعات في أبدان وعقول وقلوب أبنائها، فإنه، ولابد أن يكون لهذا الداء دواء، كما هو حال جميع الأدواء، فقد جعل الله تعالى لكل داءٍ دواء يستطيب به إلا الهرم!


فلابد إذن من وضع استراتيجية شاملة لتقدم خطوات، ووسائل العلاج، والحل، وتكون "روشتة" واضحة معروفة تكشف للجميع طرق مواجهة الإرهاب والتطرف.

فمما لا شك فيه أيضًا أن المعركة مع الإرهاب، والتطرف معركة علمية، فكرية بالأساس، ولابد فيها من العمل الثقافي والفكري بالتوازي مع العمل الأمني، وإلا ضاع الجهد الأمني كأن لم يكن، وعاد الإرهاب مرة أخرى، فلابد إذن من مواجهة فكرية بالعمل على تفنيد الشبهات التي يعتمد أرباب هذا الفكر على نشرها، ولابد أيضًا، من تحصين الأجيال الناشئة بتعليمهم العلم الديني الصحيح، والذي يحصنهم من الانخراط في تلك التنظيمات، والانخداع بزيفهم، وذلك بتعليمهم الحق، وشيئًا عن هذا الباطل حتى لا يكونوا فريسة سهلة يتم السيطرة عليها، واستقطابها تجاه هذه الأفكار.

كما قال أحد الشعراء:
عرفت الشر لا للشر لكن لتوقيه.. ومن لا يعرف الخير من الشر يقع فيه، وكما قال الفاروق عمر –رضي الله عنه-: ينقض الإسلام عروة عروة: من دخل في الإسلام، ولم يعرف الجاهلية !

فلا بد من تدريس شيء، ولو قليل عن هذه المناهج المنحرفة في المدارس، والجامعات لتكون كـــ "التطعيم" من الفيروسات الذي يتحصل عليه الطفل الصغير، والشاب في مقتبل حياته، لتكون وقاية له، حتى لا يصاب بالمرض بعد في مراحل حياته المختلفة.

ومن طرق مقاومة الإرهاب، والتطرف أيضًا القيام بعمل تنموي قوي، والقيام بعملية تنمية استراتيجية شاملة، ومستدامة، توفر للمواطن احتياجاته اليومية الأساسية، والاقتصادية، والاجتماعية، وتخرجه من حالة الفقر التي يستغلها الإرهاب من أجل السيطرة على العقول الفارغة عن طريق البطون الجائعة.

وكذلك لا مناص عن توفير حياة كريمة تقوم على احترام الكرامة الإنسانية للمواطن، وعلى احترام آدميته، ما لا يجعل المواطن يفقد انتماءه لوطنه، ويحاول أن يبحث عن وطن وهمي ينتمي إليه يشعر معه بالأمان، أو الراحة النفسية، فلا يجد أمامه سوى الإرهاب ملجأ، فيلجأ إليه.

هذا بالإضافة إلى العمل على تحسين المنظومة التعليمية، بحيث نستطيع كسر الحلقة الملعونة، والمُكَوِنِةِ لثنائية: (الفقر - التخلف)، وتخريج أجيال مثقفة تستطيع هي بنفسها مواجهة التطرف والإرهاب، وتكون مسلحة بسلاح العلم، والذي هو أقوى من كل سلاح.

وكذلك لا فكاك عن مواجهة كل المحاولات التي يسعى أصحابها إلى تفكيك الترابط المجتمعي، وتفكيك الأسرة، والعمل على تحسين الترابط الاجتماعي، مما يصعب مع وجوده انتشار الفكر المتطرف، فلابد إذن من العمل على زيادة أواصر الترابط المجتمعي، وإعادة الحياة إلى النظام الأسري القائم على الأساس النووي (الأب، والأم)، والذي يخلق إنسانًا سويًا غير معقد نفسيًا، أو منعزل عن المجتمع، مما يجعله فريسة سهلة للإرهاب والتطرف، فــ: "إنما يأكل الذئب الشاة القاصية" !!

إلى غير ذلك من العوامل، والتي ينبغي دراستها على مهل، وليس في مقال، أو مقالين، أو مقالات، ولكنه لابد من خطة شاملة بحيث تكون استراتيجية الدولة قائمة عليها، لننعم معها –إن شاء الله- بالأمن والسلام، ويذهب الإرهاب بلا رجعة، وإلى الأبد.
اللهم بلغتُ.. اللهم اشهد.
الجريدة الرسمية