رئيس التحرير
عصام كامل

مقاطعة المظاهرات لا تعني تأييد الإجراءات


تنفست حكومة شريف إسماعيل الصعداء وارتاحت في مقاعدها الوثيرة بعد فشل المظاهرات، التي دعا إليها "الإخوان" في 11/11، لكنها لم تهتم كالعادة بالبحث عن سبب فشل المظاهرات وخلو الميادين رغم وجاهة المطالب.


اختفى "الإخوان" وأغلقوا صفحات التحريض ضد مصر فور هزيمة هيلاري كلينتون "عرابة الدعم والتمكين" في الانتخابات الرئاسية وخروجها من المشهد الأمريكي، أما الشعب فقد شكره شريف إسماعيل لرفضه التظاهر وانحيازه للإصلاح الاقتصادي، في محاولة للإيحاء بأن الشعب راض عن الإجراءات الحكومية "الكارثية" من فرض ضرائب وتعويم للجنيه، ورفع أسعار المحروقات، وزيادة يومية في أسعار السلع وغيرها الكثير بدعوى الإصلاح الاقتصادي، وهي في حقيقة الأمر تلبية لشروط "صندوق النقد الدولي" للحصول على القرض.

الحقيقة التي لا يريد شريف إسماعيل الاعتراف بها أن الشعب "فاض به الكيل" من حكومة العجز والفشل، وينتظر التخلص منها "اليوم قبل بكرة"، لكنه مع هذا عزف عن التظاهر والاحتجاج لأسباب تختلف تماما عما ذكره إسماعيل!!.

الإجراءات الاقتصادية "المرة والقاسية" التي اتخذتها الحكومة تحمل كلفتها "غلابة وموظفي" الشعب الذين تآكل دخل معظمهم، بينما لم يتأثر الأثرياء، وهي ظروف قد تدفع الكثيرين للاحتجاج في الشوارع رفضا لتحمل العامة أعباء فشل الحكومة وعدم قدرتها على ابتكار الحلول، ولجوئها إلى الطرق السهلة ممثلة في الضرائب والقروض. ومع هذا عزف الشعب بوعي شديد عن التظاهر، لإدراكه أن اللجوء إلى الشارع مجددا سيزيد الأوضاع سوءا ويقضي على البلد ولن تقوم لها قائمة مرة أخرى، وأن الحالة المؤسفة التي وصلنا إليها واستنزاف مواردنا وخراب بلدنا وانهيار اقتصادنا هو نتيجة مباشرة للتظاهر في 25 يناير، وما تلاه من أحداث جسام طوال 5 سنوات. مفضلا ترك مهمة الضغط على الحكومة للأحزاب ونواب البرلمان لإجبارها على تخفيف الضغط على المواطنين، وتبني برامج دعم وعدالة اجتماعية تؤدي إلى تحسين الظروف المعيشية.

كما علينا ألا ننسى أن غالبية المصريين يرفضون فكرة التعاون مع "الإخوان" في أي تحرك، أو مجرد تصديقهم بعد أن أثبتت مئات التجارب أن "الجماعة" لا تفكر إلا في مصلحتها فقط ولا يهمها إلا الحكم، ثم أنها لا تؤمن بفكرة الوطن من الأساس، من هنا لم يستجب مصري شريف لدعوة مشبوهة أطلقتها جماعة إرهابية تريد استغلال الشعب للقفز على السلطة. وجاء تجاهل الشعب لتحريض"الإخوان" ضد مصر بمثابة سقوط آخر للجماعة الإرهابية في الشارع المصري.

يتحدث شريف إسماعيل عن إصلاح اقتصادي وتحسين مستوى المعيشة ووصول الدعم لمستحقيه، لكن شيئا من ذلك لا يحدث والأمور في عهده تسير من سيئ إلى أسوأ.. وإذا كان يسعى إلى حذف شرائح من بطاقة التموين من غير المستحقين، فهذا حق تأخر تنفيذه وسيوفر عن طريقه مليارات الجنيهات، لكن عليه بالمقابل أن يوجهها في زيادة "تموين" ودعم المستحقين كما تفعل كثير من الدول التي تحترم مواطنيها.

على سبيل المثال، لا يصح أن يقول وزير التموين إنه تمت "زيادة دعم الفرد على بطاقة التموين من 18 إلى 21 جنيها لمواجهة ارتفاع الأسعار بعد تعويم الجنيه".. هذا الكلام عيب وإهانة للشعب، فماذا تفعل 3 جنيهات للفرد شهريا في ظل غلاء يومي؟!..

إن كانت الحكومة صادقة حقا في إيصال الدعم لمستحقيه وتخفيف معاناة الشعب المطحون، خصوصا في ظل وجود نسبة كبيرة من المصريين تعيش تحت خط الفقر ولا تجد قوت يومها، فيجب عليها إضافة الدواجن واللحوم إلى بطاقة التموين ولو بنسبة بسيطة، ثم لا ننسى الأسماك حتى يتذوق الفقير منتجات شركة الاستزراع السمكي، ويتمكن من العيش بقليل من الكرامة، لكن أن يتوجه شريف إسماعيل بالشكر للشعب لعدم استجابته للفوضى والتظاهر فهذا كلام "مأخوذ خيره".
الجريدة الرسمية