التاكسي الأبيض في اليوم الأسود!
تحول التاكسي الأبيض في السنوات الأخيرة إلى الحل الأنسب لمن يبحثون عن وسيلة انتقال هادئة، بعيدا عن مناقشات ومناورات مزعجة مع سائقي التاكسي الأسود، تنتهي أغلبها إلى رفع ضغط الدم عند الكثيرين، وكان بعضها ينتهي بمشاجرات ومعارك حولت شوارع القاهرة إلى شاشة كبيرة، كأنها تنقل مشاهد مباشرة من عنابر مستشفيات الأمراض العقلية!
ومع مرور الزمن بدأ التاكسي الأبيض يدخل أيضا إلى خط التاكسي الأسود، وكأشياء كثيرة تراجعت فكرة اللجوء للعداد باعتباره وسيلة عادلة لتحديد الأجرة، وبات قانون الأمر الواقع يفرضه بعض السائقين على الركاب دون أي رادع.. فمأساة كبري إن ذهبت للمرور واشتكيت لأنك ستجد دوامة كبيرة من البيروقراطية، وكأن الشاكي هو المتهم وبعد مشاوير ومواويل سينتهي الأمر كله بالحفظ، وكأن الدولة -بهذه الطريقة- تشجع على الاستغلال والفوضي..
واستمر الأمر كذلك حتى تمت الزيادة الأخيرة، وكان واجبا أن ترتفع التعريفة حيث بات السائقون هم الطرف المظلوم فيما جري، فلم تزد أسعار البنزين فحسب وإنما أسعار قطع الغيار والزيوت وكافة مستلزمات السيارات.. وبعد عشرين يوما من ترك الناس في مواجهة السائقين تقررت أمس التعريفة الجديدة، وربما تبدو عادلة لكن بغير تأكيد سلطة الدولة على الأرض، ووضع اسس لتطبيق فعلي للتعريفة فلا شيء سيحدث، وسوف ينعكس الأمر غضبا على المواطنين بالاحساس أن الدولة باعتهم للسائقين، في حين سيشعر بعض السائقين أنهم يحصلون على حقوقهم بالذراع طالما -من وجهة نظرهم- كل شيء يؤخذ بالذراع !
هذه المعادلة الأخيرة لا تؤسس لبلد متقدم، ولا لشعب متحضر، وبالتالي فليس الأمر في تحديد التعريفات المختلفة وإنما في وضع آلية تنفيذها، وآلية التظلم منها.. وبالتالي فالرؤية الكاملة والتهاون بين المرور وأجهزة محافظة القاهرة وكذلك بالتوازي في باقي المحافظات كلها حلول واجبة.. فالأمر يخص الجميع بما فيهم من يمتلكون سيارات خاصة؛ حيث تضطرهم الظروف للجوء إلى تاكسي الأجرة في ظروف متعددة، والخلاصة: أقيموا دولة القانون في كل مكان ومع كل شيء..
القوانين تقر لتطبيقها وليس لتجاهلها، وضرب عرض الحائط بها.. وخصوصا أن حالات الغضب لا تتجه إلى المسئولين المباشرين المكلفين بها، وإنما تتراكم غضبا ضد الدولة كلها!