رئيس التحرير
عصام كامل

فرانسوا فيون.. عدو قطر يقترب من قيادة فرنسا «بروفيل»

فرانسوا فيون
فرانسوا فيون

بتأهله إلى الدورة الثانية من الانتخابات التمهيدية لليمين والوسط في فرنسا، تمكن فرانسوا فيون من أن يحدث المفاجأة، ويوصف رئيس الحكومة السابق (62 عاما) بمرشح "المقاولين" وأرباب العمل وهو يريد إحداث "صدمة"، على حد قوله، في الاقتصاد الفرنسي لكي ينتعش ويسمح للشركات الصغيرة أن تنمو بسرعة وتخلق فرص عمل جديدة.


رئيس دون منازع

قالت صحيفة "السفير" اللبنانية في تقرير لها اليوم، إنه من دون أدنى شك، يمكن القول إن الرئيس الفرنسي المقبل، لن يكون سوى فرانسوا فيون، وهي المرة الأولى في فرنسا التي تحسم فيها انتخابات تمهيدية، المعركة من أجل الإليزيه قبل الوصول إليها في أبريل من العام المقبل، اذ أن اتساع المسافة بينه وبين آلان جوبيه، يجعله بعيدًا عن متناول خصمه في الدورة الثانية الأحد المقبل، فضلًا عن إعلان نيكولاس ساركوزي تأييده وتصويته له.

وفيون رئيسًا من دون منازع، بسبب انعدام حظوظ الرئيس فرانسوا هولاند بالبقاء ولاية ثانية في الإليزيه، الرئيس الذي سجل رقمًا قياسيًا في تاريخ فرنسا بانحدار شعبيته حتى الأربعة في المائة من الفرنسيين، وأرقاما قياسية أخرى في النقمة على سياسته الاجتماعية والاقتصادية والأمنية.

ويعتبر رئيسًا لأن تعقيدات نظام الدورتين الانتخابي للرئاسة، يحرم مرشحة كمارين لوبان عن «الجبهة الوطنية»، من وراثة الجمهورية الفرنسية الخامسة، وحتمية اتحاد أحزاب اليسار واليمين، كما حدث عام 2002 في مواجهة والدها جان ماري لوبان، لمنعها من الفوز في الدورة الثانية في مواجهة فرانسوا فيون، إذا لم تفز بأغلبية الأصوات في الدورة الأولى، إذ لم يحدث أن فاز مرشح بنسبة واحد وخمسين في المائة من الأصوات في تاريخ الانتخابات الرئاسية مند تأسيس الجمهورية الخامسة الفرنسية عام 1958.

رجل الجمهوريين

الأرجح أن فوز فيون في الانتخابات التمهيدية، وتحول انتخابات الرئاسة في أبريل المقبل، إلى قصة فوز معلن، قد سهله في المقام الأول، تقنيًا، فشل إستراتيجية ساركوزي في الإبقاء على اختيار المرشح داخل جدران حزب «الجمهوريين»، أكبر أحزاب فرنسا وأعضائه الذين يقتربون من 200 ألف عضو، وأدى حق المشاركة في اختيار المرشح لمن شاء من الناخبين، إلى جعل تطويق ساركوزي للآلة الحزبية بالموالين للساركوزية أمرا لا طائل تحته، خصوصًا أن الأحزاب اليمينية الفرنسية، تحولت إلى ماكينات انتخابية، ولم تعد تجمعات سياسية وفكرية حقيقية، إذ أدى إقبال أربعة ملايين ناخب من اليمين والوسط، وحتى اليسار، إلى جعل الحزب الساركوزي مجرد ناخب بين ناخبين كثر وإغراقه خصوصًا بناخبي الوسط الذين لم يستسيغوا إستراتيجية ساركوزي بسرقة شعارات يمين الوسط، ولا بعث آلان جوبيه وافتقاد عجوز الشيراكية الغاربة للكاريسما، وتعبيره عن فشل الطبقة السياسية الفرنسية بتجديد نفسها ووجوهها منذ الثمانينيات.

ترامب جديد

يبدو إلى حد ما امتدادًا لظاهرة دونالد ترامب، من دون شعبويته، بحمله بصيغة أوضح وأكثر تبلورًا خطابًا في ميدان السياسة الخارجية تحديدًا، خطابًا ثوريًا في ما يتعلق بالنزاع في سوريا، ومواجهة «داعش»، رغم أنها لم تكن عنصرًا أساسيًا في فوزه في انتخابات أمس، فالرجل الذي يبدأ منذ اليوم مسيرته نحو الإليزيه لخلافة فرانسوا هولاند، لم ينتظر حملة الانتخابات الأولية لإعلان نيته الانقلاب على كل السياسة، التي اتبعها نيكولا ساركوزي، وفرانسوا هولاند.

والأرجح أنه سيستفيد من تقاطع المواقف مع الترامبية في أولوية مواجهة «داعش»، وإعادة ترتيب السياسات الفرنسية في سوريا على هذا الأساس.

بل ذهب فبيون أبعد من ترامب في دعوته إلى ضم «حزب الله»، وإيران، والجيش السوري، والأكراد، والرئيس بشار الأسد، إلى تحالف دولي لمكافحة الإرهاب، واعتبارهم شركاء شرعيين وجديين في محاربة «داعش»، لأنهم «يقاتلون داعش، وإذا ما أردنا فعلا القضاء عليه».

كما دعا منذ ثلاثة أعوام إلى إعادة العلاقات مع دمشق والتنسيق معها، وفتح السفارة الفرنسية فيها، وكترامب أيضا، يعبّر فييون أيضا عن تعاظم تيار فرنسي داخل المؤسسة الفرنسية يعمل على إعادة التفكير بطبيعة العلاقات مع السعودية التي اعتبرها أحد مصادر التهديد الإرهابي في أوروبا، ودعا إلى مراجعة العلاقات معها ومع قطر، وفرانسوا فيون، مفاجأة جيدة للروس، إذ يدعو إلى إعادة النظر بالسياسة الأوروبية التي تدفع روسيا نحو آسيا، كما قال، و«كلما كبرت آسيا اقتصاديا، كبر الاتجاه فيها للعب دور عسكري، ودفع روسيا نحو آسيا هو نتيجة لسياستنا الحالية التي ينبغي أن تتغير».

مرشح المقاولين

يوصف فيون بمرشح "المقاولين" وأرباب العمل وهو يريد إحداث "صدمة"، على حد قوله، في الاقتصاد الفرنسي لكي ينتعش ويسمح للشركات الصغيرة أن تنمو بسرعة وتخلق فرص عمل جديدة.

كما يريد تسهيل عملية تمويل الشركات الصغيرة عبر تخفيض نسبة الضرائب التي تدفعها هذه الشركات بين 30 و50 بالمائة، كما أنه ينوي إعادة النظر في النصوص التي تقنن "الإرث العائلي" وتسهيل نقل الشركات والممتلكات العائلية من الآباء إلى الأولاد.

واقترح فيون إلغاء نحو نصف مليون وظيفة في القطاع العمومي خلال خمس سنوات فضلا عن تمديد ساعات العمل من 35 ساعة في الأسبوع إلى 39 ساعة، إضافة إلى تمديد سن التقاعد إلى 65 سنة على الأقل، كما أعلن عن خطة تقشف تتضمن تجميد رواتب رئيس الجمهورية والوزراء في حال انتخب رئيسا.

حياته الخاصة

هو والد لخمسة أولاد، هادئ ومعروف بفاعليته في العمل، برز خصوصًا من خلال عملية إصلاح قانون التقاعد التي قادها في عام 2003 عندما كان وزيرًا للشئون الاجتماعية.

يتمتع بأناقة وحس فكاهي يقال إنهما يشبهان أناقة البريطانيين وطبعهم، علمًا أنه متزوج من بريطانية من ويلز، وهو معروف باعتداله، حتى أن البعض يصفه بالديجولي الاشتراكي.

وهو معجب بكتابات شاتوبريان، وهو هاوي للتسلق وكرة القدم وسباق سيارات، ويشارك كل سنة في سباق مان الممتد على مدى 24 ساعة في سيارة فيراري، معروف بتفضيله الحوار ومناقشة الأفكار، ويقول أحد أصدقائه: «ليس من النوع الذي يقيم شبكة مساعدين وموظفين من حوله، بمعنى أنه لا يريد أن يخلق إقطاعيات».




الجريدة الرسمية