رئيس التحرير
عصام كامل

لا تقتلوا «الشعراوي»


هو ليس الشيخ الشعرواي، رحمه الله، لكنه مواطن فقير إلى الله، لا يمتلك واسطة، ولا أموالا ينفقها على الدعاية لأفكاره الرائعة.. البسيطة.. إلا أن إرادته حديدية.. استطاع أن يعمل محاسبًا، رغم إعاقته البصرية.. بل ترقى لمنصب "مدير حسابات"، فهو أول كفيف في العالم يشغل هذا المنصب.. وهو أيضًا مدرب فن الحركة بالعصا البيضاء للمكفوفين، ومدرب كمبيوتر.


محمد سيد أحمد الشعراوي، هذا اسمه بالكامل، فكر في القيام بجولة حول العالم، ترافقه زوجته، الكفيفة أيضًا، شيماء طاهر العجمي، معهما "العصا البيضاء"، مستهدفين إنشاء أول مدينة صناعية على مستوى العالم خاصة بذوي الإعاقة، ودعم الاقتصاد المصري، وتغيير ثقافة المجتمعات العربية تجاه ذوي الإعاقة، وتنشيط السياحة المصرية ودعوة العرب والأجانب للاستثمار في مصر، وأيضًا الدعوة للسلام من مصر؛ أرض السلام، ونبذ الإرهاب بكل أشكاله.

هي فكرة فريدة، وتنفذ للمرة الأولى في العالم.. وقام بتسجيلها بالشهر العقاري في ديسمبر 2013.

عدد الدول المقترح زيارتها 95 دولة مقسمة كالتالي: 30 دولة بقارة آسيا، 30 دولة بقارة أوروبا، 3 دول بأمريكا الشمالية، 8 دول بأمريكا الجنوبية، 2 دول بقارة أستراليا، 22 دولة بقارة أفريقيا.. مدة الجولة نحو 495 يومًا.

وتتمثل آلية تنفيذ الفكرة في موافقة رئيس الجمهورية على الجولة، والموافقة على استخراج جوازات سفر دبلوماسية لسهولة التنقل بين الدول، وموافقة رئاسة مجلس الوزراء على فتح حساب باسم الجولة في جميع البنوك المصرية، وموافقة وزارة الخارجية على دعمها للجولة عن طريق التنسيق مع سفارات مصر بالدول المقترح زيارتها أثناء الجولة، ولكي تقوم سفارات مصر بعقد مؤتمرات لمحمد الشعراوي وزوجته مع الجاليات المصرية والعربية وحكومات تلك الدول المقترح زيارتها خلال الجولة.. ثم موافقة وزارة السياحة المصرية على دعمها الكامل للجولة، وموافقة وزارة الطيران المدني على دعم الجولة عن طريق رعاية شركة "مصر للطيران" للجولة بتذاكر الطيران للدول المقترح زيارتها.

المشكلة التي تواجه الشعراوي أن المسئولين، وأعضاء مجلس النواب، حتى المهندس إبراهيم محلب، رئيس مجلس الوزراء السابق، لم يقدموا له سوى الوعود الجميلة، دون تنفيذ على أرض الواقع.. لدرجة أن أحد المسئولين منحه العديد من الوعود وحلو الكلام في برنامج تليفزيوني، ولما ذهب إليه، حسب طلبه، في مكتبه، لبدء خطوات التطبيق، لم يتمكن من مقابلته، وأبلغوه أن الفكرة والأوراق أحيلت إلى المجلس القومي للمعاقين.. وهو، في حقيقة الأمر، لا يفعل شيئًا للمعاقين.. هو مجرد مجلس على الورق.. هذه المعلومة يعرفها كل المعاقين في مصر.

الشعراوي خاطب كل الجهات في البلد؛ وزارة الخارجية.. رئاسة مجلس الوزراء.. مجلس النواب.. رئاسة الجمهورية.. هو لا يطلب المستحيل.. فقط يطلب دعمًا معنويًا، ومساندة أدبية، وجواز سفر دبلوماسي، وتكاليف الرحلة.. لا يطلب حسابًا باسمه في أحد البنوك، ولا يطلب مقابلا ماديا.. وفي النهاية مصر هي التي ستستفيد، والمعاقون الذين لا يجدون من يحنو عليهم.. ومن خلال المدينة التي يقترحها الرجل سيتحول متحدو الإعاقة إلى قوة دافعة للاقتصاد الوطني، وسيخرجون الطاقات الكامنة في أعماقهم، والتي تعاني من الكبت، وقد تتحول إلى طاقات سلبية.

الشعراوي يستحق الدعم، وتلبية طلباته البسيطة.. وفي إهماله وتجاهل فكرته قتل ووأد لطموح ناشط يتمنى أن يقدم شيئًا لمصر.. يا سادة؛ أرجوكم لا تقتلوا الشعراوي، ولكن امنحوه الفرصة.
الجريدة الرسمية