رأي آخر في أزمة قلاش !
صحيح الحكم بحبس نقيب الصحفيين هو الأول من نوعه في تاريخ النقابة، لكن لا تنسى أن الحكم صدر في سلوك نقابي هو الأول منه أيضًا في تاريخ الصحافة المصرية.
لم يحدث في تاريخ الصحافة المصرية الذي يمتد لأكثر من 180 عامًا، أن أخفى أعضاء بمجلس النقابة هاربين من العدالة، لم يسبق في تاريخ النقابة، أن حرض أعضاء بمجلس النقابة على القضاء، ووصفوا النيابة العامة بأنها مسيسة، ووصفوا أحكام القضاء بأنها "ضد الحريات".
وأكد أنه لا أحد من الصحفيين المصريين يستطيع أن يشعر بالارتياح تجاه الحكم بحبس النقيب، ولا أحد يمكن أن يشعر بالارتياح على ما آلت إليه أزمة ورط البعض نقيب الصحفيين فيها، لكن لا أحد يمكن أن يشعر بالارتياح أيضًا، عند مطالعة تفاصيل توريط يحيي قلاش في صراع مع القانون، حاول خلاله شد الجماعة الصحفية للأزمة باعتبارها عامة، بينما حاول آخرون تصوير الأمر على أنه عداء بين الدولة وحرية الصحافة، مع أن ما حدث لا علاقة له بحرية الصحافة، ولا بقضايا الرأي.
وسائل إعلام غربية ربطت بين الحكم على قلاش وبين حكم صدر بعدها بيوم، ضد معتز مطر المذيع بقناة الشرق الإخوانية، مع أنه أيضًا لا علاقة بين الحكم ضد قلاش، وبين الحكم ضد معتـــز مطر.
ما الخطورة في الربط بين مطر وقلاش ؟
الخطورة، أنه كما أن هناك من وصف الحكم ضد قلاش بالمسيس، هناك أيضًا من يريد تصدير الحكم على معتز مطر بأنه مسيس هو الآخر، مع أن لا هذا صحيح ولا ذاك أيضًا.
الحكم ضد يحيي قلاش صادر في قضية جنائية.. إيواء مطلوبين داخل مقر النقابة، أحدهما ليس صحفيًا لا علاقة له بحرية الرأي.. محاولة تيار معين داخل مجلس النقابة توريط الجماعة الصحفية كلها في اتجاه سياسي لا يعبر عن جموع الصحفيين، لا علاقة له بالحريات في البلاد.
لا يمكن اعتبار اتجاه تيار معين داخل مجلس النقابة، وتوجهات هذا التيار، والنتائج المترتبة على تلك التوجهات في التهييج، وتحدى الدولة وتحدى القانون، اتجاهًا عامًا للجماعة الصحفية.
مخالفة نقيب الصحفيين المصريين "قانون العقوبات المصري" لا علاقة له بالحريات العامة في البلاد.. في القصة كثيرًا من حق يراد به باطل.. صحيح حبس نقيب الصحفيين "كعنوان" هو أزمة في حد ذاته.. لكن الأزمة الأكبر في محاولات البعض تصوير الحكم القضائي في واقعة جنائية، على أنه صــدام بين الدولة وحرية الصحافة.. وهذا، للمرة الثالثة، ليس صحيحًا.
بالتأكيد كلنا متضامنون مع نقيب الصحفيين، لأننا أبناء لتلك المهنة.. لكن أغلب المتضامنين، ليسوا مع سلوكيات يحيي قلاش، ولا مع مسالك آخرين، في مجلس النقابة.. أبسط ما يمكن وصف قلاش، وأعضاء بمجلسه، هو أنهم لا كانوا على قدر المسئولية، ولا كانوا على قدر مناصبهم وأماكنهم، ولا كانوا في محل ثقة الأصوات التي أتت بهم إلى كراسى مجلس النقابة.
كلها شهور، وتحل انتخابات النقابة الجديدة.. وقتها أعد قراءة هذه السطور مرة أخرى، عندما يكون الصحفيــون المصريين، قد صححوا أخطاءهم، وأعادوا ترتيب مجلس نقابة، يرفع المهنة فوق الرءوس، ولا يورط الجماعة الصحفيية، في تبنى آراء لا يتبناها الجميع، ويدخل مع الدولة في صدام لا يتعلق لا قضايا رأي، ولا الحريات.
الحكم الصادر ضد قلاش، ليس حكمًا ضد الجماعة الصحفية في مصر.. يحيي قلاش لم يستفت الجماعة الصحفة في إيواء مطلوبين داخل مقر نقابتهم.. أعضاء مجلس النقابة، لم يسألوا الجمعية العمومية عن رأيها في وصم النيابة العامة بـ "المسيسة"، ولا ما إذا كان القضاء المصرى بالفعل "ضد الحريات" من عدمه.
ليست الجماعة الصحفية بكامل فئاتها مع توجهات بعض أعضاء مجلس النقابة الحالى.. نعرف أن هذا كلام محله صندوق انتخابات مارس المقبل، ليس صفحات الجرائد، لكن، وبما أن هناك من يخلط بين حقوق الصحفيين، وبين دولة القانون، فلابد من تأكيد أن أغلب أبناء المهنة لا يرى أن الحريات مرادف للفوضى أو الدخول في صراع مع القانون والدولة.
منذ متى وكانت الحريات حكرًا على "اشتراكيين ثوريين" ؟ من قال إن الحرية يجب أن تكون حكرًا على "شباب ثورة" كسروا وهدموا وأحرقوا، ودخلوا في عداء غير مبرر مع مؤسسات الدولة، ثم عادوا في النهاية واتهموا مؤسسات الدولة بأنها ضد الحريات؟
wtoughan@hotmail.com
twitter: @wtoughan