رئيس التحرير
عصام كامل

«التجارة» المسمار الأخير في نعش أوبرا بورسعيد.. المحافظة تمنح حق الانتفاع لـ«من يدفع أكثر».. 160 مليون جنيه قيمة خسائر فشل إدارة المجمع الثقافي.. ورسائل الفن الجاد «لا تجدي

فيتو

التجارة هي آفة الثقافة متى وأينما وجدت، فتاريخ المراكز الثقافية يشهد انهيارها التام في حال تحولها إلى صرح يهدف إلى الربح التجاري فقط، الأمر الذي تنتهجه محافظة بورسعيد تجاه مجمعها الثقافي الجديد التي تعمل على إنشائه منذ عام 2005 حتى الآن، ذلك المجمع الثقافي الذي يشمل دار أوبرا بورسعيد ودار سينما ومسرحًا، إلا أن ذلك المجمع على عكس ما يتصوره العامة لا يتبع دار الأوبرا المصرية ووزارة الثقافة، وإنما يتبع محافظة بورسعيد نفسها.


تجديدات وهمية
11 عاما تحاول المحافظة فيهم إنجاز مبنى المجمع، بتكلفة تجديد بلغت 160 مليون جنيه من حساب صندوق المنطقة الحرة ببورسعيد، وبعد اكتماله أوائل العام الجاري، أقامت فيه أول احتفالية بالتزامن مع احتفالات أكتوبر الماضية، وكشفت تلك الاحتفالية أن التجديدات التي أجريت بالمبنى جزء كبير منها "وهمي" لا أساس له، فالمقاعد ممزقة، والأبواب بالية، ودورات المياه غير مكتملة بعد، وهو ما تكشفه "فيتو" من خلال الصور التي حصلت عليها من داخل المجمع.

فشل الإدارة
وتكمن الأزمة في فشل المحافظة في إدارة المجمع، الأمر الذي دفعها إلى طرح المكان لمشروع حق الإنتفاع لمدة 15 عاما، وكانت المحافظة قد استقرت على احدي الشركات السياحية الإماراتية ـ السعودية لتشغيل المجمع وكازينو الجزيرة العائم بمقابل مالي يقضي بالتزام الشركة بسداد مبلغ 4 ملايين جنيه سنويا تزيد بنسبة 5% كل سنة، وسداد مبلغ مليوني جنيه سنويا تزيد بنسبة 5% كل سنه مقابل الاستفادة ببدل الانتفاع الخاص بمشروع كازينو الجزيرة (مع اقتسام إيراد المجمع والكازينو مع المحافظة سنويا).

بدل الانتفاع
ولكن لم تسر الأمور كما أرادت لها المحافظة، فبعض رجال الأعمال والمستثمرين والتجار والعاملين في مجال السياحة شككوا في إجراءات الاتفاق مع الشركة العربية، واعتبروا العرض غير جاد، وهو ما استدعى تدخل مجلس الوزراء لإعادة طرح بدل الانتفاع مجددا.

لذا أعلن الجهاز التنفيذي للمنطقة الحرة ببورسعيد، عن بدء بيع كراسات الشروط لمشروع المجمع من جديد، وحددت اللجنة المشكلة من رئاسة الوزراء رسم شراء كراسة الشروط بما قيمته 11300 جنيه للكراسة في المشروع وقيمة تأمين المزايدة 100000 جنيه، كما حددت اللجنة انعقاد المزايدة غدًا.

التجارة بالفن
وتعجب أهل الفن والثقافة من طرح مشروع المجمع الثقافي للانتفاع بالشركات الخاصة، رغم وجود مؤسسات حكومية تستحق الانتفاع بالمجمع أكثر من المستثمرين ورجال الأعمال، وهي دار الأوبر المصرية التي حققت في السنوات الأخيرة نجاح كبير واستطاعت رغم الميزانية المحدودة والروتين الحكومي القاتل للفن وأهله، أن تحقق إيرادات كبيرة أدخلتها خزينة الدولة.

ومعلوم لدى الجميع أن دار الأوبرا المصرية لا تمتلك مسرح في مدن القناة نهائيًا، مما يجعل المجمع الثقافي في يدها فرصة ذهبية لإدخال الفنون الجادة غير الهزلية إلى أهل مدن بورسعيد والسويس والإسماعيلية.. ولكن يبدو أن المحافظة تهدف إلى الربح المادي من المجمع لذا تحبذ إكالته لشركة خاصة تدر عليها المال بدون تحديد فحوى المنتج الفني الذي ستعمد تلك الشركة إلى تقديمه على مسرح الأوبرا، حيث لم تفكر المحافظة في إهداء المجمع لدار الأوبرا ووزارة الثقافة المنوطة بإدارة مثل هذه المجمعات، ورأت أن تعوض التكلفة الضخمة للمجمع بإعادة تدويره.

جدير بالذكر أن المجمع يتكون من مسرح يسع لـ1200 مقعد، وقاعتي سينما، وكل منهما تسع 250 مشاهدًا، بالإضافة إلى قاعة اجتماعات متعددة الأغراض، وكافتيريا وبانوراما وجراج من طابق واحد يسع 164 سيارة، وغرف خاصة لعقد المؤتمرات.
الجريدة الرسمية