«يا عزيزى كلنا لصوص» شعار المرحلة بـ«التموين».. سمسرة واختلاس وتهريب للسوق السوداء والوزارة «نايمة».. مطالب بحركة تنقلات مستمرة للأمناء كل 6 أشهر لضرب شبكات الفساد
اسم على غير مسمى، فمن «أمناء» على مال الوطن إلى مافيا تنهب فيه تحول أمناء المخازن بشركات فروع الجملة التابعة لوزارة التموين والتجارة الداخلية بمحافظات الجمهورية إلى «حيتان صغيرة» لنهب سلع الغلابة مستغلين ثغرات في منظومة صرف السلع ليتربحوا منها.
وبات واضحًا أن أمناء المخازن يحققون ثروات كبيرة بالتلاعب، والتهريب للسوق السوداء والاختلاسات والتوريد الوهمى على الورق، بجانب السمسرة في صرف السلع الإستراتيجية لـ«بدالى التموين» الذين يستغلون الأزمات لتحقيق مبالغ هائلة بصرف كميات كبيرة لهم دون سواهم.
وما زاد من حجم الكارثة أن هؤلاء الفاسدين مستمرون في مواقعهم منذ سنوات تصل إلى 20 عامًا، استطاعوا خلالها تكوين شبكة من المصالح مع رؤسائهم ومديريات التموين لإخفاء المخالفات مقابل مبالغ مالية، بل إنهم تحولوا إلى مندوبى مبيعات لشركات القطاع الخاص لترويج سلعة في منظومة التموين مقابل حافز مبيعات «بوانص» بفرض سلع بعينها بإلاكراه على البدالين.
قوانين التموين نفسها تقف عاجزة عن مواجهة مستنقع الفساد الذي يغوص فيه أمناء المخازن بشركتى العامة والمصرية لتجارة السلع الغذائية بالجملة، والتي تصل إلى 573 فرعًا بجميع المحافظات، وفقًا لما أكده أعضاء بشعب البقالة التموينية.
وأوضح البدالون أن كثيرًا من هؤلاء الأمناء يظلون في مواقعهم لمدد تتراوح بين 15 وأكثر من 20 عامًا دون حركة تنقل لينسجوا خلال هذه الفترة الطويلة خيوط شبكة عنكبوتية من الفساد ترتبط بمديرى الإدارات التابعين لها بشركات الجملة من خلال المصالح المشتركة من المبالغ النقدية والهدايا العينية والمجاملات في كل المناسبات.
ولفتوا إلى أن هناك مجاملات بين أمناء المخازن بكل محافظة، فأحد الأمناء اختلس 120 ألف جنيه، وحفاظًا على استمراره في موقعه تم تجميع المبلغ له من كل فروع الجملة بالمحافظة بالتنسيق مع مديرى الإدارة المسئولة عنهم، وكذلك لا يمارس رئيس الرقابة في التموين بالمحافظة دوره كاملا عليهم.
واتهمت مصادر مطلعة أمناء مخازن بالتورط في تهريب سلع تموينية، وكشفتهم مباحث التموين، ومنهم أمين مخزن اختلس 16 مليون جنيه بالبحيرة وآخر 13 مليونًا، مستغلًا أزمة السكر بمحافظة أسيوط، رغم أن كل أمين مخزن يحصل على 3% من قيمة مبيعات الفرع فلو حقق مبيعات بمليون جنيه يتقاضى ما يقرب من 30 ألف جنيه كحافز مبيعات.
وأضاف المصــدر غالبية الأمناء تحولوا إلى «مناديب مبيعات» وترويج لشركات القطاع الخاص، التي تشارك بسلع غير مرغوب في صرفها كثيرًا من قبل البقالين لعدم إقبال المواطنين عليها، ومنها المكرونة التي يتعمدون بيعها بإلاجبار للبدالين ضمن السلع الحرة حتى لا تسقط ولا يتم تحويلها إلى الشهر التالى كما يحصل عن كل سيارة مكرونة بها طن على ما يقرب من 8 باكتات بكل واحدة 20 كيسا تحت مسمى «بوانص» وغيرها من الصلصة والحلاوة الطحينية والكابتشينو والبامبرز والمنظفات الصناعية وغيرها من السلع التي لا تلقى رواجًا.
وأكدت المصادر تلاعب أمناء المخازن في السلع الإستراتيجية كالسكر والزيت والأرز، وتتزايد سعادتهم عندما تكون هناك أزمة لكونها تحقق مصالحهم في الإثراء السريع، سواء بالتلاعب في الاحتياطي الإستراتيجي وتدويره أو تهريبه للسوق السوداء بالاتفاق مع بعض البدالين معدومى الضمير أو مجاملة لبدالين دون سواهم والحصول على مبالغ نقدية مقابل الحصول على هذه السلع الأساسية التي تجعل محال البقالة قبلة لأصحاب البطاقات؛ بما يعد استمرارًا لمسلسل الفساد الذي تغرق فيه إمبراطورية أمناء المخازن بما يتطلب عدم استمرار أمين المخزن بموقعه أكثر من 6 أشهر.
وفى سياق متصل، أكد «المحاسب هشام كامل - المستشار بقطاع الرقابة والتوزيع بوزارة التموين» أن ضعف الرقابة وراء فساد أمناء المخازن لأن الأجهزة التموينية تعمل في جزر منعزلة، مطالبًا بضرورة متابعة الكميات المنصرفة من السلع التموينية وما تم صرفه للبدالين ومعرفة نسب العجز وموقع توريدها لقطع شرايين الفساد المتغلغلة في منظومة صرف السلع التموينية.
وشدد كامل على ضرورة متابعة سلاسل الإمداد من قبل الوزارة وربط المخازن بالشركة القابضة من خلال منظومة إلكترونية للحد من الفساد، خصوصًا أن كل ذلك لا يزال حبرًا على ورق.
"نقلا عن العدد الورقي.."