رئيس التحرير
عصام كامل

حقيقة بروتوكولات حكماء صهيون


(1)
لا أحد يعرف بالضبط متى ظهرت فكرة نظرية المؤامرة ولا سبب نشأتها والظروف التي دفعت إلى ظهورها، ولكن هناك رواج كبير لوجود علاقة مباشرة بين ظهور بروتوكولات حكماء صهيون التي كشفت خطة الماسونية العالمية في الترويج للسيطرة على العالم وبين هذه النظرية بعدما تحقق معظم ما جاء بهذا الكتاب الغامض الذي كان يتم سحبه من الأسواق في أعقاب كل طبعة بصورة مريبة، ووصل الأمر إلى أن الويكيبيديا لهذه البروتوكولات على الإنترنت تحاول تأكيد أنها مزيفة، وهو نفس ما سبق وأشار إليه عبد الوهاب المسيري بصورة تثير الريبة ومدى اليد الطولى لهؤلاء الذين يحكمون العالم الآن شئنا أم أبينا وبنفس منطق نظرية المؤامرة، حتى لو وصل الأمر لإعلان الحرب على مسلسل تليفزيوني يفضح هذه الخطة اليهودية الصهيوينة، كما حدث مع محمد صبحي في مسلسل "فارس بلا جواد" وكلنا نذكر وقائع هذه الحرب.


(2)
ونظرة سريعة على بعض ما تضمنته البروتوكولات تؤكد أنها حقيقة ساطعة كالشمس، حيث يشي مضمونها بالكثير مما حدث في الماضي أو في التاريخ المعاصر بما فيها ثورات الربيع العربي، حيث يحمل البروتوكول الأول عنوان "الفوضى والتحررية والثورات والحروب"، كما تؤكد ضرورة إنهاك الدول بالهزات الداخلية والحروب الأهلية والخارجية، حتى تخرب نهائيًا، مع ضرورة السيطرة على اقتصاد العالم.

البروتوكولات تشير أيضًا إلى إشاعة الأفكار التحررية لتحطيم كيان القواعد والنظم القائمة، والإمساك بالقوانين وإعادة تنظيم الهيئات، وبذلك يتم وضع ديكتاتور جديد على أولئك الذين تخلــوا بمحض رغبتهم عن قوتهم!

كما تؤكد أيضًا ضرورة استخدام كل وسائل الخديعة والرشوة والخيانة، مع اللجوء إلى العنف ومصادرة الأملاك وإصدار أحكام الإعدام، لتعزيز الفزع الذي يولد الطاعة العمياء!! كما تشير إلى ضرورة السيطرة على الحكم والتعليم والصحافة، واختيار رؤساء إداريين لن يكونوا مدربين على فن الحكم، ولذلك سيكون من اليسير أن يمسخوا قطع شطرنج في أيدي مستشاريهم العلماء الحكماء الذين دربوا خصيصًا على حكم العالم منذ الطفولة الباكرة قبل أن يصل لمنطقة الصحافة والإعلام التي يعتبرونها القوة العظيمة التي يسيطرون بها على الناس.

حتى الدين لم يسلم من خطة حكم العالم بعد إفساده (علينا أن ننتزع فكرة الله ذاتها من عقولهم، وأن نضع مكانها عمليات حسابية وضرورية مادية، بحيث نبقيهم منهمكين في الصناعة والتجارة، وهكــذا ستنصرف كل الأمم إلى مصالحها، ولن تفطن في هذا الصراع العالمي إلى عدوها المشتــرك).

(3)
والحقيقة أن بروتوكولات المؤامرة الصهيونية وحكم العالم لم تترك شيئًا إلا وتحدثت عنه بما في ذلك إفشاء الرشوة في المجتمعات والفساد عمومًا، ونشر التعصبات القبليــة والدينية، واحتكار التجارة والصناعة والذهب في العالم، وبث الوعود الكاذبة عبر أجهــزة الإعلام، وتعيين الفاشلين والغوغاء في كل القطاعات الرئيسية، وهو تقريبًا نفس ما حدث مع الجاسوس الذي نجح في تفكيك الاتحاد السوفيتي بنفس أساليب وتوجيهات البروتوكولات لتفكيك الدول والحضارات.

(4)
وأشارت البروتوكولات أيضًا منذ أكثر من مائة عام إلى خطة نشر الحروب العالمية والحروب الإقليمية، وتفريغ القوانين من مضامينها ونشر العملاء، وتدمير الأخلاق، ووضع الدساتير المهلهلة، وهنا يشيــر البروتوكول إلى إعجاز غريب حين يقول: مثل هذه الامتيازات سنقدمها في دستور البلاد لتغطية النقص التدريجي لكل الحقوق الدستورية، إلى أن يصرخ الناس الذين مزقتهم الخلافات وتعذبوا تحت إفلاس حكامهم هاتفين: "اخلعوهم، وأعطونا حاكمًا عالميًا واحدًا يستطيع أن يوحدنا، ويمحق كل أسباب الخلاف، وهي الحدود والقوميات والأديان والديون الدولية ونحوها.. حاكمًا يستطيع أن يمنحنا السلام والراحة اللذين لا يمكن أن يوجدوا في ظل حكومة رؤسائنا وملوكنا وممثلينا"!!
وكأن البروتوكولات تحدد بوضوح ما نراه الآن في المناحي العديدة بل كأنها تصف ما يحدث لنا بالحرف.

(5)
ويتكرر ذلك في مشاهد أخرى تصفها البروتوكولات وكأنها كتبت بالأمس وليس منذ قرن وربع القرن تقريبًا، كما في:

*سنعمل على دفع الزعماء إلى قبضتنا وسيكون تعيينهم في أيدينا واختيارهم يكون حسب وفرة أنصبتهم من الأخلاق الدنيئة وحب الزعامة وقلة الخبرة.

*لابد من توسيع الشقة بين الحكام والشعوب، وبالعكس ليصبح السلطان كالأعمى الذي فقد عصاه ويلجأ إلينا لتثبيت كرسيه.

* لابد أن نفتعل الأزمات الاقتصادية لكي يخضع لنا الجميع بفضل الذهب الذي احتكرناه.

* سنعمل على إنشاء مجتمعات منحلة مجردة من الإِنسانية والأخلاق، متحجرة المشاعر، ناقمة أشد النقمة على الدين والسياسة، ليصبح رجاؤها الوحيد تحقيق الملاذ المادية، وحينئذ يصبحون عاجزين عن أي مقاومة فيقعوا تحت أيدينا صاغرين.

* الحكام أعجز من أن يعصوا أوامرنا لأنهم يدركون أن السجن أو الاختفاء من الوجود مصير المتمرد منهم فيكونوا أعظم طاعة لنا وأشد حرصًا ورعاية لمصالحنا.

* لا يصل إلى الحكم إلا أصحاب الصحائف السود غير المكشوفة، وهؤلاء سيكونون أمناء على تنفيذ أوامرنا خشية الفضيحة والتشهير.. كما نقوم بصنع الزعامات وإضفاء العظمة والبطولة عليها.

* سنستعين بالانقلابات والثورات كلما رأينا فائدة لذلك.

*ستكون كل دور النشر بأيدينا وستكون سجلات التعبير عن الفكر الإِنساني بيد حكومتنا وكل دار تخالف فكرنا سنعمل على إغلاقها باسم القانون، يقولون: ستكون لنا مجلات وصحف كثيرة مختلفة النزاعات والمبادئ وكلها تخدم أهدافنا.

(6)
هذه مجرد عينات من البروتوكولات الصهيونية التي تختفي كلما طبعت، وتكشف عشرات الحقائق التي تحققت على الأرض وما زالت رغم محاولات إنكارها، ونظرة سريعة على واقعنا المحلي والعالمي تكشف إلى أن الأمر لم يكن مجرد فرية وتزييف، ولعلنا نؤمن الآن بأن هناك مجلسًا فعلا لإدارة وحكم العالم بقيادة صهيوني لم ولن نعرفه مهما طال الزمان.
الجريدة الرسمية