رئيس التحرير
عصام كامل

6 ملايين عبوة لبن مدعمة مهددة بالتلف.. إهدار 156 مليون جنيه في ألبان الرضع.. الأمهات تلجأن إلى عبوات «تحيا مصر» بسبب فارق الـ4 جنيهات.. والصحة على علم بالأزمة

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

«فرح بلدي» أقامته وزارة الصحة ومن خلفها مجلس الوزراء، بعد حديثها عن حل أزمة ألبان الأطفال بمجرد تطبيق قرار منظومة الألبان الجديدة بـ«الكروت الذكية»، ثم دخول القوات المسلحة على الخط بتوريد ألبان جديدة تحل الأزمة إلا أن الواقع شهد «كوكتيل مشكلات».


أول وأبرز تلك المشكلات أن تراكم كميات كبيرة من عبوات الألبان داخل المخازن يهدد 6 ملايين عبوة لبن ذات اللون الأزرق بانتهاء الصلاحية والتلف، تكلفة العبوة الواحدة منها 26 جنيهًا، ورغم إعلان وزير الصحة أن الدولة تدعم ألبان للأطفال بديلة للبن الأم، بمبلغ 450 مليون جنيه سنويًا، إلا أن هناك أموالا منها ستهدر لأنه بحسبة بسيطة فإن قيمة العبوات المهددة بالتلف تصل إلى 156 مليون جنيه.

أسعار الألبان
مصادر بالشركة المصرية لتجارة الأدوية أكدت أنه منذ أول سبتمبر الماضي، أصدر وزير الصحة الدكتور أحمد عماد الدين، قرارًا بالاعتماد على الكروت الذكية في صرف الألبان، ووقف توزيع الألبان المدعمة داخل صيدليات الشركة، وكذلك رفع أسعار الألبان المدعمة إلى 26 جنيهًا.

وأضافت: «خلال تلك الفترة كانت توجد حالة طوارئ داخل الشركة لأنها المنوط بها استيراد الألبان وتوزيعها على مراكز رعاية الأمومة والطفولة لكى تكفى الاحتياجات، خاصة مع وجود أزمة في ذلك الوقت والضغط المجتمعى لحل أزمة توفير الألبان لكن للأسف حلت إجازة عيد الأضحى، وتم الضخ بكميات كبيرة من الألبان لمراكز الأمومة والطفولة البالغ عددها 1600 منفذ لتوفير احتياجاتها وصرف الألبان في العيد، وكانت بمثابة حصة إضافية تم توريدها لهم»، حيث طلب وزير الصحة إيجاد مخزون إستراتيجي، ومع نهاية أكتوبر الماضى توقفت الشركة عن توريد الألبان لمراكز رعاية الأمومة لرفض مديريات الصحة في المحافظات استلام الألبان لتراكمها في المخازن دون بيعها للمواطنين.

وتابعت: «عند بداية تطبيق المنظومة كان يتم توزيع الألبان من المناقصة القديمة للعام الماضي، بينما المناقصة الجديدة 2016، والتي تم تقليص كميات الألبان بها وصلت إلى 18 مليون عبوة بدلا من 24 مليون عبوة العام الماضي، منها 12 مليون عبوة لألبان المرحلة الأولى و6 ملايين عبوة لألبان المرحلة الثانية لا تزال تورد على مراحل في تواريخ مارس ويوليو وسبتمير 2017، وجاء منها ما يقرب من مليون عبوة حتى الآن، وهناك خوف شديد من انتهاء صلاحيتها».

توريد الألبان
ضربت المصادر بالشركة المصرية مثالا على وضع الألبان المدعمة، قائلة: «على سبيل المثال إذا كان المستهدف توزيع 500 ألف عبوة شهريا حصة كل المراكز في الجمهورية فإن تلك الكمية انخفضت إلى الثلثين»، مرجعة ذلك إلى وقف توريد الألبان للمرحلة الثانية للفئة العمرية من 6 شهور إلى سنة في مراكز رعاية الأمومة والطفولة، للعبوة التي ارتفع ثمنها من 17 جنيهًا إلى 26 جنيهًا، ثم مد الصيدليات الحرة بعبوات ألبان «تحيا مصر» بسعر 30 جنيهًا للعبوة، وفى ظل الشروط التعسفية التي وضعتها الوزارة لصرف الألبان من منافذها عزف الأهالي عن شرائها.

وهنا تساءلت المصادر: «ما الذي يجبر الأمهات على الخضوع لتلك الاشتراطات لكى تحصل على فرق 4 جنيهات زيادة؟»، مؤكدًا أن الأهالي أصبحوا يشترون ألبان «تحيا مصر» واسمها فرانس ليت من الصيدليات بـــ30 جنيهًا، وهى نفس الأنواع الموجودة بوزارة الصحة.

وتقسم الألبان إلى ثلاثة أنواع بثلاثة ألوان، فالعبوة المتواجدة حاليًا بمراكز الأمومة والطفولة منها عبوات ذات اللون الأزرق وهى المرحلة الثانية بــ26 جنيهًا، ثم الألبان ذات اللون الأحمر تباع بــ5 جنيهات للمرحلة العمرية الأولى من عمر يوم حتى 6 أشهر، بينما الألبان ذات اللون الأخضر فهى تابعة للمنظومة القديمة وتباع بــ17 جنيهًا.

تسريب اللبن
مديرية الصحة بمحافظة الفيوم وعدد من المحافظات أرسلت منذ أيام خطابًا إلى فروع الشركة المصرية لرفض استلام الألبان ذات اللونين الأزرق والأحمر أيضا لتراكمها لديها، حيث ذكر مصدر مطلع أن الحل الوحيد هو عودة الشركة المصرية لتوزيع الألبان مرة أخرى عبر الصيدليات التابعة لها أو الصيدليات الحرة حتى تستطيع التخلص من كل تلك الكميات المتراكمة لديها أو حتى تشرف وزارة الصحة على منافذ التوزيع بالشركة المصرية؛ لضمان عدم تسريب اللبن أو على الأقل تسهيل إجراءات صرف الألبان من مراكز رعاية الأمومة والطفولة بشهادة الميلاد فقط.

وأوضح المصدر أنه بعد إرساء المناقصة على الشركات الأجنبية الموردة للألبان إلى مصر لا يمكن الرجوع في المناقصة أو تخفيض الكميات التي تم التعاقد عليها، خاصة أن الشركة المصرية دفعت ثمنها ولا تزال وزارة الصحة مديونة بأموال الألبان لم تدفعها حتى الآن ما يعتبر إهدارا للمال العام، وليس أمام الشركة سوى أن «تشرب هي اللبن».

الشركة المصرية لتجارة الأدوية بدورها سارعت بإرسال مخاطبات إلى وزارة الصحة لحل تلك الأزمة إلا أنها لم تتلق ردا رسميا من الوزارة حتى الآن، وتحتاج الأزمة إلى قرار سيادى من الحكومة حتى لا يتم إهدار أموال الشركة.

الكروت الذكية
المصدر أشار إلى أن القرار الخاص بتوزيع الألبان من خلال الكروت الذكية لم يُدرس جيدًا من قبل وزارة الصحة، وتم التسرع فيه، خاصة أن الكروت لم يتم تفعيلها حتى الآن وحدث ارتباك في سوق الألبان، ويجب دراسة احتياجات السوق جيدا والتعاقد على الكميات التي سيتم توزيعها في السوق، بدءًا من العام القادم، حتى لا يحدث ما حدث الآن من تهديد لملايين العبوات بالتلف وانتهاء الصلاحية.

مصادر أخرى بوزارة الصحة أكدت أن وزير الصحة الدكتور أحمد عماد على علم بتلك الأزمة، إلا أن الوزير قال نصًا: «على جثتى أرجع في القرار»، في إشارة منه إلى منظومة توزيع الألبان الجديدة من خلال الميكنة في مراكز الأمومة والطفولة، ووقف البيع في الشركة المصرية.

نقلا عن العدد الورقي
الجريدة الرسمية