بالفيديو.. سجين رأي تونسي في عهد "بن على": أرادوا إخصائي
عرفت جلسات الاستماع إلى ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان خلال سنوات الاستبداد في تونس، شهادة مؤثرة من الباحث «إبراهيم سامي»، عندما كان يتحدث عما عاناه في السجن لمدة ثماني سنوات في فترة حكم «بن علي»، مما أبكى الحاضرين، وخلق حالة واسعة من التضامن معه.
شهادة "سامي" التي أدلى بها ليلة أمس الخميس، جاءت خلال جلسة استماع نظمتها هيئة الحقيقة والكرامة، وهي هيئة دستورية مخول لها تتبع ملفات ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان، منذ الاستقلال، وإلى انتهاء عام 2013، وإلى جانب شهادة "سامي"، كان هناك ضحايا آخرون، أدلوا بقصصهم حول ما عانوه، لا سيما أثناء فترة حكم "زين العابدين بن علي".
وقال "سامي" الذي تحدث عن التعذيب الذي تعرض له: لنفترض أن التهم التي كانت ضدي كانت صحيحة، فلم أرادوا انتهاك كرامتي، أريقت دماء من أجل استقلال هذه البلاد، فلم قاموا بهذا السلوك؟ أنا مستعد لأن أغفر للجلادين، شرط أن يعترفوا ويعتذروا، لا أريد محاسبتهم، ما أريده هو كشف الحقيقة، أريد أن يسجل التاريخ ما وقع خلال تلك الفترة السوداء، أريد ألا يتكرر ما وقع لي لابنتي، ولا أريد أن يعيش أبناء تونس ما عشناه.
وتابع سامي، الذي كان سجين الرأي: وضعونا عرايا لأسبوع كامل، أرادوا تدميرنا، وراهنوا على إخصائي، والحمد لله لدي بنتا جميلة، تؤكد أنني انتصرت عليهم، وكان الجلاد يضربني على رأسي، ويقول لي: "سأخرج العلم من رأسك"، لكنني أكملت دراستي بعد كذلك؛ كي يؤكد انتصاري عليه، أحس بألم كبير لحبسي كل تلك المدة، أحس بالقهر وبالإعاقة؛ لإضاعة سنوات من حياتي.
وكتب سامي على صفحته بــ«فيس بوك» بعد حملة الإشادة به: طوفان عارم من رسائل التعاطف والمكالمات، التي تشيد وتشكر، والتعاليق التي تصفني بالبطل والنموذج والمثال.. أشكر أصحابها على صدق تقبلهم لما حركته شهادتي التلقائية من مشاعر لديهم، وأعبر لهم عن خالص حبي واحترامي وتقديري.
وأضاف «سامي»: لكنني لم أستوعب إلى هذه اللحظة ما حدث، هل إلى هذه الدرجة لا يعرف التونسيون ما حدث في الحقب السوداء من تاريخ البلد؟ هل إلى هذا الحد أحدثت لديهم شهادتي المفاجأة؟ لقد كانت شهادتي مجرد قوس صغير، أريد أن يغلق؛ لاستئناف حياتي ونشاطي بشكل عادي، لم أحرص فيها على إلهاب المشاعر أو تهييج الضغائن، أو التشهير بالأشخاص، أو استحضار التفاصيل الأكثر إيلاما".
وتابع سامي: لا أريد أن أتحول من خلالها إلى أيقونة أو بطل، فما عاناه غيري أقسى وأبلغ وأمرّ، الشهداء وحدهم هم الذين يستحقون أن يكونوا أيقوناتنا، وما دون ذلك فلتكن العقول والقلوب متعلقة بالقيم والأفكار التي تصلح البلد، لا بالأشخاص، مهما كانت مواهبهم ومعاناتهم، فلا تصنعوا من شخصي المتواضع أيقونة تلهيكم عن مضمون الشهادة ورسائلها.