رئيس التحرير
عصام كامل

شعب عجيب.. يأكل الأونطة ويأكل على قفاه


تطلع إلى أي مصري.. سوف تكتشف حالة تطابق مذهلة بين المواطن المصري ومَوَاطِن الخَلَل.. غارقا في «البَكَش» حتى آذانه.. مدمن «أوَنْطة».. يأكلها أحيانا دون أن يدري وغالبا بكامل إرادته.. تطلع قليلا في وجوه النساء، لتدرك كيف فشلن في تخطيط الاقتصاد ونجحن في تخطيط الحواجب.. ثم تسمع طوفانا من بيانات وزارة التخطيط تؤكد أننا «ميت فل واربعتاشر».. إنها الأونطة السوبر.


شعب دمه أحلى من السكر.. قال له عندك سكر؟ قال ما عنديش وهو عنده وبياخد أنسولين!.. وعندما ارتفع سعر السكر، اشتغل في الحداقة.. بإمكانه الاستغناء عن قليل من السكر.. يشرب القهوة على الريحة والشاي سكر خفيف وبلاها حلويات.. أما الملح فكلا وألف كلا.. لامعنى ولا طعم للطعام بدون الملح.

لا نخشى الجوع، فنحن شعب أكول.. المصري لا يتوقف عن الأكل.. يأكل من الزبالة.. ويأكل الأونطة.. ويأكل مال النبي.. ويأكل على قفاه.

في الخارج.. يتسابقون لتسجيل حق الملكية الفكرية للرقائق المعدنية.. ونحن نهلل لتسجيل حق الملكية الفكرية للرقائق المحشية بمَحاشِم العِجْل!

يقول مصري صايع.. عندما يداهمني المغص.. أكون على يقين من زواله بعد دقيقتين بعون الله، لو ابتلعت ورقة بمائة جنيه.. شعب يفكر بوحي من القولون لا بوحي من المخ.

هل صادفت في حياتك شعبا يأكل نفسه؟.. إنه الشعب المصري يا عزيزي.. ألم تقل لك زوجتك «عاملالك شوية ملوخية هتاكل صوابعك وراها؟».

في ظني أننا الشعب الوحيد الذي أبدع في استخدام الملح.. لدينا حق الملكية الفكرية في الفسيخ والمخللات.. استخدام مفرط للملح كما ترون.. ربما يكشف لنا ذلك عن سر الحداقة.

للحداقة طعم آخر حينما تكون عنوانا للمواقع الرسمية الرفيعة.. واقرأ معي وقائع ما جرى في حدث دولي رفيع المستوى، لتكتشف أن بمقدورنا نأكِّل الأونطة للعالم كله.

في مؤتمر طبي عالمي احتشد وزراء الصحة من مختلف بلدان العالم، وكان المؤتمر قد عقد خصيصا لعرض آخر ما توصل إليه الطب من تقدمٍ ورقِيٍّ.. جاءت جلسة وزير صحة «عربي» ــ مشيها عربي مش عايزين مشكلات ــ جاءت جلسته بين وزيري الصحة الأمريكي والفرنسي.

تجاذب الثلاثة أطراف الحديث، وفجأة أسنَدَ الوزير الأمريكي ظهره إلى الخلف ووضع ساقا فوق ساق، واستَلَّ من محفظته الجلدية مشرطا حادا، وأحدث جرحا طويلا بيده، ثم أخرج من جيبه ورقة صغيرة مبللة ومررها على جرحه فالتأم في الحال.
سأله وزيرنا:
ــ ما هذا؟
قال الأمريكي:
ــ هذا أحدث اكتشاف أمريكي لعلاج الجروح في الحال.

وبدوره اعتدل الوزير الفرنسي في جلسته واستَلَّ مشرطًا حادًا وأحدث جرحًا غائرا في يده، ثم أخرج أنبوب سبراي، ورَشَّ بعضا منه في فمه ونفخ في جرحه فالتأم في الحال.
سأله وزيرنا:
ــ وما هذا؟!
قال الوزير الفرنسي:
ــ الطب عندنا هو الأفضل والأنظف والأسرع، ولا ورق ولا كرتون.. بنفخة هواء واحدة يلتئم الجرح.

اعتدل وزيرنا في جلسته بكبرياء شديد، وفرد كف يده، وسحب من تحت الكرسي ساطورا، ورفعه وهَوَى به على أحد أصابعه فبَتَرَه، وأخرج من جيبه صباع كفتة..
فسأله الوزيران الأمريكي والفرنسي:
ــ ما هذا؟!!!
قال:
ــ دا لبوس.. هاحُطُّه حالا.. وبعد دقيقتين بالظبط، ها يرجع الصباع المبتور بدون تدخُّل جراحي.

الجريدة الرسمية