كرها في كلينتون لا حبا في ترامب
خسر الجميع من محللين سياسيين وإعلام وحتى أغلب الفلكيين واستطلاعات الرأي والدراسات، ونجح القرد الصيني "غودا" الذي تنبأ بفوز دونالد ترامب. وكأغلب المصريين تمنيت في قرارة نفسي فوز ترامب بالرئاسة ليس حبا فيه أو اتفاقا مع سياساته بل كرها في هيلاري كلينتون.
عندما انحسرت المنافسة الانتخابية بين ترامب وكلينتون وارتفعت أسهم الأخيرة أمام تراجع حظوظ الأول، ثار نقاش في الصحيفة بين الزملاء وكان هناك شبه يقين أن كلينتون رئيسة أمريكا المقبلة، لكنني قلت "علينا ألا نستبعد مفاجأة". استغرب الزملاء لأن ترامب غير مؤهل سياسيا بينما كلينتون محنكة ولديها خبرة طويلة تجعلها أجدر منه بالرئاسة.. أوضحت لهم أن ترامب وكلينتون برأيي الشخصي "نطيحة ومتردية"، لكن لو لم يكن ترامب قويا وتخشاه كلينتون، ما بحثت عن فضائحه في التحرش بالنساء، لدرجة أنها استعانت بالفنانة سلمى حايك لتكشف عن محاولة ترامب التحرش بها في بدايتها وتهديدها بالحرمان من العمل لكنها صدته!!. نفى ترامب ما قالته سلمى واعتذر لمن تحرش بهن ثم قلب الطاولة على هيلاري قائلا: "نعم تحرشت لفظا واعتذرت، لكن بيل كلينتون اغتصب النساء في البيت الأبيض عندما كان رئيسا لأمريكا".
تابعت للزملاء: لو لم يكن ترامب قويا ما أغدقت دول خليجية بالتمويل على حملة كلينتون واشترت بملايين الدولارات صفحات وساعات في كبريات الصحف والفضائيات الأمريكية واستقطبت مراكز الدراسات وقياس الرأي، حتى تضمن استمرار سياسة أوباما وتنصيب هيلاري "عرابة تمكين الإخوان".
فطن ترامب لما يحاك ضده فخفف من لهجته وشططه وغير مدير حملته الانتخابية، وبدأ يلاحق كلينتون تدريجيا، إلى أن صدم العالم أجمع بفوز مزلزل أثبت أن الناخب الأمريكي "صفع" كلينتون حتى يتخلص من النخب السياسية التي أغرقت الولايات المتحدة في ديون غير مسبوقة، وأقحمتها في حروب في كل مكان، وجعلتها الدولة الأكثر كراهية على وجه الأرض. انحاز الشعب لترامب رجل المال والأعمال الذي لا علاقة له بالسياسة، لعل وعسى يصلح ما أفسده أوباما وهيلاري وكيري بمؤامرة "الربيع العربي" وفوضى الشرق الأوسط.
لن نتحدث عن خشية أوروبا من ترامب أو حذر كثير من الدول العربية بانتظار وضوح سياساته، لكن نتوقف عند رد الفعل الشعبي.. استقبلت مصر فوز ترامب بفرحة كبيرة لأننا تخلصنا من خطط وفوضى كلينتون التي مكنت جماعة "الإخوان" من الحكم، تمهيدا لتقسيم مصر وسورية والعراق وليبيا ومن بعدها الخليج العربي على أن تهيمن إيران على الشرق الأوسط بعد ذلك.
أما "الإخوان" فأصيبوا بذهول من هزيمة "عرابة مشروع تمكينهم من الحكم"، فأغلقوا صفحات "ثورة الغلابة" التي اختاروا موعدها بعد إعلان نتائج الانتخابات لضمان تأييد هيلاري لهم عند فوزها بالرئاسة.. فيما انشغل بقية الشعوب في البحث عن أصول وتاريخ حياة وقصور ترامب، وكان من أغرب ما أشيع أن ترامب جذوره سورية لذلك يدعم بقاء بشار الأسد في الحكم، وأشيع كذلك أنه من جذور باكستانية مسلمة وتبنته أسرة أمريكية غيرت دينه وما إلى ذلك.
وبينما انشغل ترامب في تشكيل حكومته عرضت التلفزة الأمريكية فيديو حفل أقيم في 2011، سخر فيه أوباما من ترامب أمام نخبة من المجتمع الأمريكي وأضحكهم عليه، ما جعله يقرر يومها أن يصبح سيد البيت الأبيض وينتقم من أوباما، وهذا يفسر اتخاذ ترامب سياسة داخلية وخارجية مضادة تماما لكل ما تبناه أوباما وكلينتون.
أرادت هيلاري إبعاد الشبهة عن نفسها بتحريض الشارع ضد ترامب ورفضه توليه الرئاسة، فطلبت أن تعمل ضمن فريقه الرئاسي لكنه لم يعرها اهتماما، ليقينه أن بصماتها موجودة في المظاهرات الأمريكية ويكفي أن بعض الفنانين الذين دعموها بالحفلات حرضوا الشارع على التظاهر ضده، فضلا عن وجود أدلة تدين الملياردير جورج سورس بتمويل الاحتجاجات، وهو أبرز الداعمين لهيلاري كلينتون وممول مؤامرة "الربيع العربي".
أيا كان ما سيحدث في أمريكا علينا ألا نفرط في التفاؤل تجاه ترامب، صحيح أنه أخف وطأة من كلينتون خصوصا تجاه مصر، لكنه متقلب ومزاجي وتحكمه ثوابت السياسة الأمريكية، كما أن إصرار كلينتون على العودة إلى الأضواء يؤكد أن هناك مؤامرة تحاك للرئيس ترامب، إما بتأجيج الرأي العام ضده أو ربما باغتياله لتحقق هيلاري حلمها الرئاسي.