حداشر حداشر.. قصة أخرى!
مر اليوم كغيره من الأيام التي مرت على مصر وكأنه يقول لها.. (مصر يا امّة يا بهية يا ام طرحة وجلابية.. الزمن شاب وانت شابة هو رايح وانت جايه.. جايه فوق الصعب ماشية فات عليكي ليل ومية.. واحتمالك هو هو وابتسامتك هي هي تضحكي للصبح يصبح بعد ليلة ومغربية.. تطلع الشمس تلاقيكي معجبانية وصبية.. يا بهية)، وكان أن سبق هذا اليوم أيام كان الجدل فيها لا ينقطع.. تعلو وتيرته مع بعض الأحداث وتنخفض مع أخرى.. تزداد (الرطرطة) في الكلام عن ثورة للغلابة مع ارتفاع أسعار السلع والخدمات، ويطرق الداعون لها الحديد وهو ساخن.. تعويم الجنيه وصعود سعر الدولار إلى مستويات غير مسبوقة سيجعل الأسعار تولع نار بعد تخفيض قيمته 48%.. موت وخراب ديار..الجنيه يفقد نصف قيمته في خبطة واحدة، والأسعار تزداد بنفس النسبة، وقبل أن تخمد حرائق الجيوب، ترتفع أسعار البنزين والسولار ويتم تنفيذ المرحلة الثالثة من الرفع التدريجي للدعم فتشيط العقول، فيصبح لا بديل عن ثورة الغلابة !
كيف يواجه الناس جنون ارتفاع الأسعار وتدهور قيمة الجنيه ومواجهة مافيا السوق بكل طوائفها؟ هي الحكومة معندهاش نظر.. هي الحكومة عمياء لا تري.. كيف تجرؤ على فعل ذلك وهي تعلم أن هناك دعوة للتظاهر والثورة يتم الحشد لها من الخارج والداخل؟ ثورة الغلابة لا تعرف العقل أو المنطق..هي تقود فقط إلى الفوضى.. ولا تقبل أن يقودها أصحاب الياقات البيضاء والأحذية اللامعة والكروش المنتفخة من الطعام والأموال الحرام.. ثورة الغلابة تقود نفسها بنفسها بلا رؤية إلى حيث لا مكان ولا زمان ولا هدف غير الفوضى والسلب والنهب والتخريب.. هكذا كان أصحاب الدعوة يريدون، وكان من يحشدون لها يأملون ويتمنون !
بدأت الدعوة لقيطة لا أب لها.. بذرة نجسة من خارج حدود الوطن.. من تركيا أو قطر.. من هاربين هناك راهنوا على معاناة الناس وهم لا يعانون.. ظلوا طويلا يهيئون الملعب ظنا منهم أن مدرجاته ستمتلئ بالمشجعين من الغلابة وأصحاب الحاجات، وأن التظاهرات ستخرج تملأ الشوارع والميادين إلى أن قررت القيادة السياسية والحكومة البدء في إجراءات اقتصادية صعبة لا مفر منها تزامنا مع طلب قرض صندوق النقد الدولي، وبسبب ما أثير حوله من لغط وشائعات أصبح الظرف مناسبا لركوب موجة تداعيات القرارات فأعلنت الجماعة المارقة عن نفسها في بيانات لا تنكرها أنها تدعو لثورة للغلابة يستردون فيها حقوقهم وبلدهم، وأدارت الجماعة ومن معها ماكينات الإعلام الكاذب.. جزيرة قطر وقنوات الإخوان في تركيا، وكتائب الكذب الإلكتروني بشكل سافر وسافل ومفضوح وأنفقت الملايين في البحث عن الثورة السراب !
وجاء اليوم الموعود وحضرت فيه الدولة وفرضت هيبتها باسم الشعب وقالت دون كلام: العودة للفوضى مرفوض وغير مسموح.. أمن الوطن والشعب خط أحمر !
رغم كل التحليلات والاجتهادات في تفسير عدم خروج الناس للثورة كما زعم الداعون لها فإن لليوم قصة أخرى قرأ الشعب فصولها منذ يناير 2011 وحتى 30 يونيو واستوعب وهضم دروسها جيدا، وقرر في هذا اليوم أن يستدعيها ويتأملها ويقاربها مع ما يدور حوله وما كان في وطنه قبل 3 / 7 فأدرك بحسه الفطري أن الوطن أهم من كل شيء وسقوطه يعني ضياع كل شيء فقرر دون توجيه أو أوامر أن يختار الوطن.. الحضن والملاذ والأمان..
قصة هذا اليوم تتجلي في مجمل الرسائل التي نتجت عنه والرسائل التي ردها لأصحابها مشفوعة بتوقيع الوعي والانتباه والانتماء المصري بامتياز:
الأولى للجماعة والداعين للثورة: خاب مسعاكم.. أنتم حالة انتهت للأبد، والثانية: عدم الاستجابة للدعوة استفتاء من الشعب على الوطن وليس على أي شيء آخر سواء كانت الحكومة أو الرئيس مهما كان حبهم له، والثالثة للحكومة: نحن نحتمل أكثر مما نطيق وعليكم الانتباه قبل أن ينفد الرصيد، والرابعة للرئيس: قدمنا وما زلنا وسنظل نقدم للوطن، وسنظل شركاء أوفياء في المسئولية معك وعليك أن تسعي بكل قوة ودون خوف لتحقيق دولة القانون والعدالة لأن العدل أساس الملك.. ودائما تحيا مصر.