رئيس التحرير
عصام كامل

حضانات أبو الريش.. رحلة البحث عن فرصة حياة لرضيع «تقرير»

فيتو

«الناس سواسية كأسنان المشط» يبدو أن هذه العبارة لم تعد تنطبق على البشر في زماننا، فالأغنياء يختلفون تماما عن الفقراء في كل شيء، من الميلاد إلى الممات، فولادة طفل مريض لأسرة بسيطة، يعنى أن فرحها سيتحول إلى رحلة مؤلمة من أجل إيجاد علاج لمن استقبلته الدنيا بأزماتها.


وأزمة حضانات الأطفال حديثي الولادة أصبحت علامة مميزة لمجتمعنا، فالحضانات المجانية معدودة على الأصابع، أما الحضانات «الاستثمارية» فشعارها للأغنياء فقط.

وفي مستشفى أبوالريش للأطفال يتزاحم البسطاء أمام الحضانات في محاولة لإيجاد علاج لرضيع قبل أن يخطفه طائر الموت، في رحلة ذهاب بلا عودة.

القلق والانتظار هما السمة الغالبة على وجوه أمهات لايزلن يعانين الم الولادة، في انتظار الدور في حضانات أبو الريش تترقب نظراتهن الباب المقابل، يهمسن ويتساءلن بين الحين والآخر "فاضل كتير على ما يفتحوا؟".. حتى تخرج عليهن إحدى الممرضات العاملات بحضانة "وحدة رعاية الأطفال حديثى الولادة" بمستشفى أبو الريش الجامعى للأطفال، التابعة لجامعة القاهرة، لتقطع صمتهن وتنهى انتظارهن قائلة: "الزيارة فتحت.. ادخلوا واحدة واحدة.. واقلعوا الجذم قبل ما تدخلوا".

"أم ملك"
كانت "أم ملك" أولى الأمهات اللاتى أسرعن نحو باب الدخول للحضّانة، لتسأل الممرضة وهى تخلع نعلها: "هي نسبة الصفرا وصلت لكام دلوقتى؟"، تحدثت "أم ملك" لـ"فيتو"، لتقص علينا قصة ابنتها الرضيعة التي لما يتجاوز عمرها بضعة أيام، بعد أن قامت بوضعها في مستشفى قصر العينى، ثم اكتشفت أن نسبة الصفرا لديها تصل إلى درجة عالية تتجاوز 35، وهو أمر خطير للغاية على حياة طفلتها كما أخبرها الأطباء هناك.

شدد الأطباء بقصر العينى على "أم ملك" بضرورة وضع ابنتها في حضانة لرعايتها وعلاجها وخفض نسبة "الصفرا" لديها، ومن هنا بدأت رحلة العذاب في البحث عن مكان خالي بحضانة لعلاج ابنتها، بعد أن أخبروها في قصر العينى أن الحضانات به توضع فيه الطفلة بعد الولادة مباشرة لرعايتها لمدة لا تتجاوز الساعات، وعليها أن تبحث على الفور على حضانة أخرى تستقبل رضيعتها، وترعاها حتى الشفاء وأشاروا عليها بالتوجه لمستشفى أبو الريش.

رحلة البحث عن حضانة
توجهت "أم ملك" هي وزوجها بابنتهما إلى طوارئ "أبو الريش" للأطفال، ومعهما التحاليل الخاصة بالمولودة، والتي توضح مدى خطورة حالتها، لتفاجئ برفض المستشفى استقبال ابنتها، مبررين ذلك بأنه لا يوجد أماكن خالية، ولم تجد كل المحاولات مع المستشفى مما دفع "أم ملك" للبكاء أمام موظفى الاستقبال، ولكن الباب مغلق كما أخبروها.

رحلة من العذاب استمرت 24 ساعة كاملة، لأم ملك وزوجها وابنتهما الرضيعة، وهم يبحثان عن حضانة تأوى مولودتهما، وتكون بسعر يتلائم مع ما في جيوبهما، ولكن باءت كل المحاولات بالفشل، ولم يبق أمامهما سوى القبول بحجز ابنتهما في حضانة تابعة لإحدى المستشفيات الخاصة، والتي طلبت منهما أجر 500 جنيه في اليوم الواحد، تكلفة استقبال الرضيعة ورعايتها وعلاجها.

الوساطة لا مفر منها
حتى تتفاجأ "أم ملك" باتصال هاتفى من طبيب القلب المتابع لحالتها، وهو يخبرها أن تتوجه مرة أخرى إلى مستشفى "أبو الريش الجامعى للأطفال"، بعد أن كانت قد أخبرته بمعاناتها في العثور على حضانة بها، فقال لها أنه اتصل هاتفيا بالمستشفى وأوجد لها مكانا خاليا نظرا لخطورة حالة الطفلة.

وتوجهت السيدة مرة أخرى إلى "أبو الريش" لتجد بالفعل أن الطبيب أجرى اتصالاته، وأصبح هناك مكان خال لابنتها، وتم حجزها بالحضانة، وهى اليوم تأتى لزيارتها بعد أن تم إنقاص نسبة الصفرا بها إلى 15 بعد أنا كانت 35.

الحضانة على حسب الحالة
وأكد أحد الممرضين المسئولين عن الإشراف على حضانات "أبو الريش" الموجودة بالدور الثالث بالمستشفى، أن الحضانة دائما بها أسرة للطوارئ وللحالات الخطيرة جدا، ولا يتم استقبال أي طفل إلا إذا ثبت أن حالته تستدعى الحجز الفورى.

وأشار الممرض الذي امتنع عن ذكر اسمه أنه أحيانا تأتى حالات خطيرة بالفعل ولا يتم استقبالها، إلا بعد التأكد أن الحالة لا تملك مكان أو مأوى آخر يستقبلها، مشيرا أن قبول الحالات يكون على حسب ضرورة وأهمية الحجز.
الجريدة الرسمية