رئيس التحرير
عصام كامل

مصر وترامب!


أفهم الترحيب من قبل كثيرين في مصر بفوز ترامب في انتخابات الرئاسة الأمريكية.. فهذا الفوز أبعد هيلاري كلينتون عن البيت الأبيض، وهي قد لعبت دورا في وصول الإخوان إلى حكم مصر، ومارست ضغوطا وبقية الإدارة الأمريكية على المجلس الأعلى للقوات المسلحة حتى ينفرد الإخوان بكل مقاليد الأمور في البلاد، وأسهمت أيضا في دعم ومساندة هذا الحكم الفاشي المستبد..


كما أن ترامب الفائز بادر بإطلاق تصريحات مشجعة وطيبة بخصوص مصر ورئيسها، وعزمه التفاهم والتعاون معنا في مجال الإرهاب، وهو ما يبشر ليس فقط بانتظام المساعدات العسكرية الأمريكية لمصر، التي سبق أن جمدها أوباما ومعه هيلاري، بعد الإطاحة بحكم الإخوان، بل وليس فقط احتمال عودة المساعدات الاقتصادية التي سبق أن جمدها بوش الابن، وإنما وهذا هو الأهم احتمال وقف الحصار الاقتصادي المفروض أمريكيا وغربيا على مصر بدون إعلان رسمي، من خلال تكلؤ توافد الاستثمارات والسياحة الأجنبية علينا..

ولكنني مع ذلك كله لا أفهم أن نترك العنان لتفاؤلنا ليصل إلى مدى بعيد، بوصول ترامب إلى منصب رئيس الولايات المتحدة ونتخيل أن أمريكا في ظل رئاسته ستكون دولة صديقة بإخلاص لمصر.. فإن ترامب في الوقت الذي تحدث فيه عن علاقات طيبة مستقبلا مع مصر ورئيسها في إطار مكافحة الإرهاب، في المقابل تحدث أيضا عن دعم كامل لإسرائيل وسيكون ضيفه قريبا نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي، وأحد المرشحين لتولي وزارة الخارجية في عهده، وهو المنصب الثاني المهم بعد منصب الرئيس متحمسا لفكرة ثلاث دويلات لفلسطين وهو ما يعيد إحياء فكرة توطين بعض الفلسطينيين في جزء من سيناء..

كما أن ترامب ذاته سبق أن أعلن خلال حملته الانتخابية استعداده للتدخل العسكري بريا في ليبيا لمواجهة داعش، وهذا أمر لا تقبل به مصر وترفضه، لأنها تدرك أن التدخل الغربي السابق في ليبيا هو الذي أوقعها في حالة الفوضى التي تعيشها حاليا وتركها فريسة للعنف والإرهاب، وأي إرهاب في ليبيا يهدد الأمن القومي في مصر.

لذلك يتعين علينا أن ننتظر ونترقب اختيارات ترامب لطاقمه ورجال إدارته، وخاصة للمواقع المهمة مثل وزارة الخارجية ووزارة الدفاع ومستشار الأمن القومي ورئيس الموظفين في البيت الأبيض مع رئيس المحكمة العليا ومدير المخابرات المركزية.. ويتعين أيضا انتظار وترقب ما سوف يتخذه ترامب من قرارات ومواقف بعد أن يدخل البيت الأبيض ويجلس على مقعد الرئيس في المكتب البيضاوي.

ولكن يتعين أيضا ألا يكون انتظارنا وترقبنا سكوتا، وإنما نستثمره في دراسة وبحث كل السيناريوهات المحتملة في ظل رئاسة ترامب لأمريكا وكيف نتصرف فيها.. أي يجب أن نبادر نحن بصياغة علاقتنا كما نريدها مع أمريكا، في ظل إدارة ترامب بما يخدم مصالحنا ولا يهدد أمننا القومي.. وهذا قد بدأناه بتهنئة السيسي المبكرة له ودعوته لزيارة مصر.
الجريدة الرسمية