رئيس التحرير
عصام كامل

مصيبة مدرب غانا التي لم ينتبه لها أحد !!


ذات نهار من صيف عام 1957 داخل أحد أفرع محال عمر أفندي الشهيرة بمصر الجديدة وقف الرئيس الغاني الأسبق كوامي نكروما أمام إحدى الآنسات التي كانت تشتري بعض المستلزمات ثم يطلب من الحرس معرفة هذه الآنسة وعنوانها ثم يسرع رئيس غانا وقائد استقلالها إلى صديقه الزعيم جمال عبد الناصر ليقول له إنه أخيرا وجد شريكة حياته ويطلب منه مساعدته للارتباط بها وحكى له ما جرى.. استقبل عبد الناصر الأمر بالدهشة والسرور وأفهم صديقه نكروما العادات في مصر واتفقا أن تتوجه قرينة الرئيس عبد الناصر إلى أهل الآنسة المقصودة ومفاتحتها وأهلها في الموضوع..


عرفوا فيما بعد أن اسمها فتحية رزق، مدرسة سابقة وتعمل في أحد البنوك، وتقيم في الزيتون، وأنها ابنة لأم ربتها مع شقيقيها بعد وفاة والدهم ولم تتزوج بعده.. كانت فتحية في نصف عمر نكروما تقريبًا.. كان في الثامنة والأربعين وكانت في الرابعة والعشرين تقريبا.. رفضت الأم خوفًا من ابتعاد ابنتها عنها..

قالت فتحية إنها ستتزوج زعيما كبيرا في أفريقيا حارب الاستعمار مثل عبد الناصر وتدخلت السيدة تحية زوجة عبد الناصر لإقناع الأم وفي رأس السنة عند الانتقال من عام 1957 إلى 1958 كانت السيدة فتحية رزق في القصر الرئاسي في أكرا العاصمة وتتحول إلى سيدة غانا الأولى وتعيش هناك وتزور مصر كثيرًا وتنجب ثلاثة أبناء.. الأول جمال ثم سامية ثم سيكو، وبقيت مع زوجها حتى الانقلاب عليه ثم مرضه ووفاته عام 71 خارج البلاد ثم دفنه في أكرا بعد إصرار الحكومة الغانية على ذلك باعتباره قائد استقلال البلاد حتى بالرغم من الانقلاب عليه وكذلك لشعبيته الجارفة وسيرته الحسنة عند الغانيين..

وعادت السيدة فتحية إلى مصر ويصبح جمال نكروما صحفيًا معروفًا مرموقًا في الأهرام ورئيسًا لأحد أقسامها الآن ويحصل على الدكتوراه في السياسة ثم ترحل فتحية نكروما بعدما حملت لقب زوجها لتلقي وجه ربها في مايو 2007 ويقام لها قداس كنسي رأسه البابا شنودة بنفسه تقديرًا لتاريخها وتاريخ زوجها ثم ينقل الجثمان لتدفن إلى جوار نكروما في غانا !

غانا التي روينا سريعًا وباختصار شديد كيف كانت علاقاتها بمصر قوية جدًا حتى أنها وقفت إلى جوار مصر في كل الأحداث والمناسبات ووقفت مصر إلى جوارها في كل القضايا من التنمية وحتى زواج رئيسها.. غانا الأقرب أفريقيًا لمصر مع عدد من الدول الأخرى حتى كانت أفريقيا كلها حديقة خلفية لمصر.. غانا تلك تمر الأيام وتستعين بمدرب من دولة العدو الإسرائيلي بعد أن كانت علاقات أغلب الدول الأفريقية مع العدو الإسرائيلي مقطوعة وفي حالة عداء دائم فتمر الأيام ولا تستعين غانا بخبراء إسرائيليين في الزراعة أو الهندسة مثلا وإنما في تدريب كرة القدم أيضًا !!

الأمر يؤكد أن أمامنا جهدًا كبيرًا لإصلاح أخطاء فادحة استمرت لأربعين عاما -ولمثل هذه الأسباب طالب البعض منذ سنوات بالمحاكمات السياسية على الجرائم السياسية التي تفوق خسائر مصر منها الجرائم الجنائية- أسهمت في ضياع أفريقيا من مصر وأن أعداء مصر المتربصيــن بها يدخلون الآن بيوت الأفارقة وفي أهم الألعاب الرياضية عندهم وليس فقط مكاتبهم الحكومية.. مصر الآن تصحح أخطاء كبيرة ولكن أمامنا أيضًا فيما يبدو وقت طويل يحتاج إلى مضاعفة الجهد..

رحم الله صناع المجد الضائع.. العائد بإذن الله !
الجريدة الرسمية