رئيس التحرير
عصام كامل

نصر أبوزيد: القرآن نص تاريخى 2


قال الدكتور نصر أبوزيد: إن فكرة كون القرآن نصا تاريخيا ليست جديدة ولا اختراعا غربيا، بل هى جزء من الإسلام التقليدى. ففى القرن التاسع الميلادى اعتبر المعتزلة، أصحاب التوجه العقلى فى الإسلام، القرآن «مخلوقا»، وهو ما يعنى، ببساطة وبمعاييرنا المعاصرة، أنهم نظروا للقرآن باعتباره نصّا تاريخيا، وكانت هذه النظرة مثيرة للجدل وقتها مثلما هى الآن، وفى النهاية تمكن الفقهاء المتشددون من استبدال هذه النظرة بمفهوم معاكس، وهو أن القرآن هو كلام الله غير المخلوق.


من وجهة نظر «أبوزيد» فإن المهمة الملقاة على عاتق الإصلاحيين الحداثيين هى بعث فكرة المعتزلة القائلة بخلق القرآن.

قال أبوزيد: "من الواقع تكوّن النص (القرآن) ومن لغته وثقافته صيغت مفاهيمه، فالواقع هو الذى أنتج النص.. الواقع أولا والواقع ثانيا والواقع أخيرا.. ولقد تشكل القرآن من خلال ثقافة شفاهية، وهذه الثقافة هى الفاعل والنص منفعل ومفعول.. فالنص القرآنى فى حقيقته وجوهره منتج ثقافى، والمقصود بذلك أنه تشكل فى الواقع والثقافة فترة تزيد على العشرين عاما.. فهو «ديالكتيك» صاعد وليس «ديالكتيك» هابطا... والإيمان بوجود ميتافيزيقى سابق للنص يطمس هذه الحقيقة.. والفكر الرجعى فى تيار الثقافة العربية هو الذى يحول النص من نص لغوى إلى شىء له قداسته".

والنص القرآنى، كما يرى أبوزيد، منظومة من مجموعة من النصوص، وهو يتشابه فى تركيبته تلك مع النص الشعرى، كما هو واضح من المعلقات الجاهلية مثلا، والفارق بين القرآن وبين المعلقة من هذه الزاوية المحددة يتمثل فى المدى الزمنى الذى استغرقه تكوُّن النص القرآنى، فهناك عناصر تشابه بين النص القرآنى ونصوص الثقافة عامة، وبينه وبين النص الشعرى بصفة خاصة، وسياق مخاطبة النساء فى القرآن المغاير لسياق مخاطبة الرجال هو انحياز منه لنصوص الصعاليك.

أما النبوة والرسالة والوحى.. فإنها عند هذا الحداثى الماركسى، حسب وصف الدكتور سيد العفانى، ظواهر إنسانية وثمرة لقوة المخيلة الإنسانية، وليس فيها إعجاز ولا مفارقة للواقع وقوانينه، فالأنبياء مثل الشعراء والمتصوفة مع فارق درجة المخيلة فقط لا غير.

وينسب إلى "أبوزيد" قوله: «إن إيماننا بإله له عرش وله قدسية وجند فى السماء وله كتاب محفوظ ورسل يُدخلنا فى باب الخرافة والأسطورة، ولابد أن ندوس على قدسية الكتاب الكريم حتى نتقدم، فإن الذى ألف هذا الكتاب جاهل وهو منتج ثقافى».. ونكمل غدا.

من كتابى"ضد الإسلام"..الطبعة الثانية.
الجريدة الرسمية