إهانة رئيس أهان شعبه!
قال لى زميل كندى منذ أيام «لقد أصبح لدى مشكلة مع كاليفورنيا لسببين، أولهما أنها انتخبت الممثل الشهير أرنولد شوارزنجر ليكون حاكماً للولاية، والسبب الثانى لإعطائها شهادة دكتوراة لرئيسكم المصري».
وهذه ليست المرة الأولى التى يجد فيها المصريون فى الخارج شكلًا من أشكال التهكم بسبب مواقف للرئيس محمد مرسى التقطتها صحيفة أو قناة من هنا أو هناك. وما التقطته عدسات القنوات الأمريكية والأسترالية فى لقاء مرسى برئيسة وزراء أستراليا «جوليا جيلارد» وحركة اليد التى كانت حديث الكثيرين لفترة طويلة ليست ببعيدة.
تذكرت تلك المواقف وغيرها فى أعقاب الهوجة الحالية والمسماة بـ «إهانة الرئيس» وهى هوجة وقت الفراغ أو الفشل فحينما يتوقف أو يعجز أى نظام عن أى إنجاز تجاه شعبه، تبدأ هذه الملاحقات الأمنية بتلك التهمة، فعلها الرئيس المخلوع حينما انتهى من تشييد الطرق والكبارى ومشروعات الكهرباء والمياه فى مدة حكمه الأخيرة فترك البلاد والعباد ليقضى وقت فراغه فى ملاحقة الصحف والصحفيين بتلك التهمة وفعلها المجلس العسكرى وها محمد مرسى يكررها، ووسيلتها أبسط ما يكون فهى عبارة عن بلاغ من «مواطن شريف» ينزعج ليس من الانهيار الاقتصادى والاجتماعى والصحى للبلاد لكن من انتقاد الرئيس من قبل معارضيه!.
والذين يتم استدعاؤهم واتهامهم والتحقيق معهم وخروجهم بكفالات مالية ليبقوا تحت التهديد بالسجن لوقت طويل بسبب آرائهم. ثم تخرج علينا الأنظمة -ببراءة الأطفال- لتقول أن لا علاقة لهم بتلك البلاغات.
والغريب فى الأمر أن هناك اتهامًا يسمى «إهانة مواطن للرئيس» ولا يوجد اتهام «إهانة الرئيس لمواطنيه» فمن يحاسب الرئيس عن التقليل من شعبه بسبب أفعاله، من يحاسب الرئيس مرسى على ما وصل إليه حال مصر والمصريين منذ توليه رأس الدولة المصرية بعد ثورة عظيمة شهد لها العالم. من المسئول عن إهانة مصر وتراجعها الإقليمى الدولى الرهيب حينما -ولأول مرة- يزور الرئيس الأمريكى إسرائيل ولا يفكر فى زيارة مصر وكأن مصر لم يعد لها دور فى المنطقة مثلها مثل جيبوتى أو موريتانيا.
من المسئول عن إهانة مصر لدرجة أن الإدارة الأمريكية لم تستقبل حتى الآن الرئيس المصرى ولا تفكر فى دعوته أو وضع زيارة الرئيس المصرى على جدول أعمال الاستقبالات الدولية للرئيس الأمريكى فى البيت الأبيض. من المسئول عن تراجع الدور والكيان المصرى عربياً إلى الدرجة التى تجعل الرئيس المصرى هو الوحيد الذى لم يستقبله الرئيس المضيف القمة العربية.
من المسئول عن إهانة المصريين عبر خطاب ضعيف ساذج حينما يهدد رئيس مصر دولاً عربية أخرى وهو الخطاب الذى وصفه الأستاذ هيكل بأنه يسىء لمصر كثيراً لأن مصر الدولة الرائدة الكبرى فى المنطقة العربية لا تهدد دولاً أخرى فى تمثيل سياسى عال مثل هذا. وعلى مستوى الإهانة نتيجة عدم إدراك طبيعة البروتوكولات فحدث ولا حرج، فمن النظر إلى «ساعة اليد» فى مؤتمر صحفى عالمى إلى خطابات مليئة بالأخطاء إلى لقاءات يخاطب فيها رئيس شعبه فجراً بعد ساعات وساعات من المونتاج. أداء لم يكن غريباً معه أن نرى وضع مصر المزرى كتلك الذى حدث فى جلسة البرلمان الاوربى والذى كان نتيجته وبالإجماع إيقاف أى معونات إلى مصر بسبب أفعال النظام الحالي.
فى ظل ما سبق وغيره تكون عبارة «الرئيس المنتخب» -والتى يهددنا بها حزب الرئيس وجماعة الرئيس- هى الإهانة الأكبر ليصبح ما نراه ليس سلوك فرد نتبرأ منه بل اختيار شعب. وما يفعله الإعلاميون بالنقد تجاه كوارث النظام الحالى هو أقل ما يفعله شعب يحاول جمع أشلاء كرامته.