رئيس التحرير
عصام كامل

الجشع سيد الموقف


من المسئول عن ارتفاع الأسعار.. الحكومات المتعاقبة قبل وبعد 25 يناير أم الشعب.. قد يقول قائل والشعب ماله.. الشعب يتحمل نتيجة السياسات الخاطئة التي تتسبب في ارتفاع الأسعار.. الشعب مطحون.. الشعب غلبان.. والحكومات هي السبب.. 

لن أختلف مع من يقول ذلك.. ولكنى سأطالبه بالتأمل والتفكير قليلًا.. وما موقع الجشع من الإعراب في عبارة زيادة الأسعار..

نعم الجشع.. ومن الذي يمارس سياسة الجشع.. الجميع حكومة كانت أو شعبًا.. كل منهم يمارس الجشع بشكل أو بآخر وكل منهم طمعان فيما يوجد بجيب الآخر.. الحكومة طمعانة في فلوس الشعب.. والشعب طمعان في فلوس الحكومة والشعب طمعان في فلوس الشعب..

بالله عليكم فكروا معى فيما نفعله كشعب في بعضنا البعض.. لقد أصبح الجشع سيد الموقف في السوق المصرية.. الحكومة والتي هي من الشعب ومسئولة عن الشعب تُغالى في أسعار الخدمات بحجة ارتفاع فاتورة الدعم الذي تعلم قبل غيرها أنه يذهب معظمه إلى جيوب تجار السوق السوداء والمنتفعين.. وتتغاضى عن ذلك و"تعاير" الشعب ليلًا ونهارًا بالدعم!

أليس هذا جشعًا واستغلالًا..

الشعب في الوقت نفسه لا يرحم بعضه بعضًا..

التاجر الذي هو من الشعب، يُغالى في الأسعار ويتحجج بارتفاع الدولار تارة.. وبقلة الاستيراد تارة أخرى.. وبسياسات الحكومة تارات أخرى.. والذي يبيع ما اشتراه قبل ارتفاع الدولار بالسعر بعد ارتفاع الدولار.. أليس هذا جشعًا واستغلالًا..

الصيدلى الذي يُخزن الأدوية بمجرد معرفته بقرب ارتفاع الأسعار ويبيع ما اشتراه قبل ارتفاع الأسعار بالسعر بعد ارتفاع الأسعار.. أليس هذا جشعًا واستغلالًا وقلة ضمير..

المنتج الذي يغش في السلع سواء بإخفاء أو تغيير تاريخ انتهاء الصلاحية.. أو بغش المنتج من الأساس..

المطاعم التي تستخدم لحومًا غير صالحة للاستهلاك الآدمى أو تبيع لحم الحمير ولحم الكلاب على أنه لحوم مصنعة..

تاجر الجملة الذي يشترى من المزارع بأسعار منخفضة ثم يُغالى في أسعار البيع بحجة ارتفاع أسعار النقل والبنزين والتخزين وخلافه..

الموظف الفاسد الذي عليه أن يُراقب الأسواق ثم يتغافل عن المخالفات لأنه يتقاضى رشوة أو بيشرب شاى بالياسمين..

الشعب الذي يرتضى كل هذا الجشع والاستغلال ويكتفى بمجرد البرطمة والبغبغة والصراخ..

الحكومة التي تتغاضى عن تنفيذ القانون على المخالفين والغشاشين وآكلى لحوم البشر..

ألسنا كلنا في النهاية مسئولين عن ارتفاع الأسعار بالجشع أو التغاضى أو عدم تنفيذ القانون.. ما رأيكم دام فضلكم.. أليست الحكومة والشعب في قفص اتهام واحد.. أليست الحكومة والشعب مسئولين.. أليس الجشع هو سيد الموقف.. ألسنا جميعًا مسئولين عما نحن فيه.. كلنا في مركب واحد ومع ذلك كلنا يقول "يا الله نفسى نفسى".. "أنا ومن بعدى الطوفان" وهو يعلم أن الطوفان لا ينتقى بل سيجرف الكل معه.. ولكن الجشع يعمى الأبصار والبصائر.
الجريدة الرسمية