مصيبة ياريس
لا أحد يستطيع أن ينكر أن الرئيس عبدالفتاح السيسي يحاول بكل ما أوتي من قوة أن يعيد لمصر قدرتها على الوقوف من جديد، ومواجهة أزماتها والصمود في وجه التحديات الاقتصادية الكبرى التي نواجهها في كل القطاعات، والحصول على قروض من جميع الجهات الدولية والإقليمية والمحلية لإنشاء طرق وكبارى ومدارس ومستشفيات واستصلاح أراضٍ وشق ترع ومصارف وإعادة تدوير المصانع المتوقفة مرة أخرى، لتوفير فرص عمل للشباب وتقليل فاتورة الاستيراد، ويبقى كل هذا جهدًا محمودًا سيكون له دور في تحسن مستوى المعيشة وتحسن مستوى الخدمات للمواطن المصرى، إلا أن هناك جريمة ومصيبة كبرى ترتكب تنسف كل هذه الجهود وتبدد مجهود الجميع، هي الزيادة السكانية التي تعتبر أخطر من الإرهاب وتقضى على الأخضر..
تعد الزيادة السكانية من أعلى النسب في العالم، حيث قفزت بنسبة زيادة قدرها 48%، كل المؤشرات تؤكد أن مشكلة الزيادة السكانية في مصر لم تتم مواجهتها بالشكل الجيد، وما زلنا نتعامل معها بأفكار تقليدية بليدة من داخل الصندوق، رغم أن هذه الزيادة أو ما يطلق عليها الانفجار يمكن أن تتحول إلى ثروة قومية كبيرة ومصدر أساسى لدفع عجلة التنمية للأمام مثلما حدث في الصين والهند، إلا أن المميزات لدى الشعوب الأخرى تتحول لدينا إلى عبء كبير.
خلال الفترة الأخيرة بدأت الحكومة خطوات محمودة بتنظيم حملات إعلانية في جميع وسائل الإعلام، تبرز من خلالها الأزمات والمشكلات التي تواجهنا وطرق حلها والتغلب عليها مثل ضرورة الاعتماد على المنتج المصرى وتقليل المستورد وخطورة التحرش وضرورة التصدى له، وأيضًا تنشيط السياحة ومواجهة الإدمان والتعافى من المخدرات وغيرها من الحملات المدفوعة التي تجعل الرأى العام على معرفة بالمشكلات الحقيقية التي تواجه المجتمع والمساهمة جميعًا في حلها..
الحكومة وحدها لن تفعل كل شيء، فالمواطن يجب أن يشاركها حتى يتحقق التغيير، ولا أحد ينكر أهمية هذه الموضوعات ومواجهتها ولكن المصيبة التي أهملناها هي الزيادة السكانية، حيث تشهد مصر ولادة 4 أطفال جدد في كل دقيقة و2 مليون و200 ألف في العام.. ورغم خطورة هذه القضية فإن الحكومة مازالت تتعامل معها بخجل شديد وكأنها ترى أنه ليس من حقها التدخل بين الرجل وزوجته في أمور خاصة..
هذه الكارثة يدفع ثمنها الجميع في التعليم والصحة والغذاء والطرق والمواصلات وفرص العمل وغيرها من الخدمات التي تذهب إلى المواطن لابد من وضع هذه القضية في المكانة التي تستحقها في اهتمامات الحكومة وأن تواجهها بكل قوة وتوفير ميزانية كافية لحث المجتمع على التعامل بإيجابية مع هذه المصيبة.
هذه المرة لن نخاطب رئيس الوزراء فهو في عالم آخر، نحن نخاطب رئيس الجمهورية أن يضع هذه القضية في المقدمة، وأن يقام لها مؤتمر سنوى يناقش هذه القضية من كل الجوانب وإيجاد الحلول المناسبة.