هل ترامب مثل هيلاري فعلا ؟!
لن نيأس من نصح البعض بعدم الانسياق وراء دعوات خفية تصدر أولا من جهات محددة ثم يتلقفها بعض الأبرياء ويعيدون إنتاجها وتسويقها، والأزمة ناتجة أصلا من السلوك الجماعي البغيض، وتقليد البعض لغيرهم دون قدرة ذاتية على التفكير والتحليل، وهذا لا ينطبق على الحوار الدائر عن الفرق بين هيلاري وترامب فقط، وإنما في موضوعات كثيرة ربما ناقشناها واحدا بعد الآخر من عينة "روسيا وأمريكا اسوأ من بعض وكله بتاع مصلحته" !!
المتضرر من فوز ترامب وراء النغمة الأولى، والمتضرر من وجود روسيا في سوريا والمنطقة كلها بما فيها التعاون مع مصر وراء الثانية وهكذا.. ونعود للسؤال: هل فعلا ترامب زي هيلاري وكلاهما ضدنا، وأن أمريكا دولة مؤسسات لن يكون ترامب معها حرا؟
بالطبع لم تزل الولايات المتحدة دولة عظمي لها التزاماتها ومصالحها ودورها الذي ينبغي أن يستمر للإبقاء عليها دولة عظمي.. لكن من المؤكد وجود فروق شخصية بين كل رئيس وغيره، تساعد الظروف المحيطة، ونجاح أو إخفاق من سبقه في إبرازها أكثر وأكثر. وإلا ما كان ظهر الرؤساء ترومان وإيزنهاور وكيندي.. بل وكيندي تحديدا الذي يؤكد القدرة على الوصول إلى البيت الأبيض بعيدا عن موافقات المنظمات السرية التي تحكم العالم.. وفي مثالنا الحالي بين ترامب وهيلاري لا يمكن المساواة بين من تحالف مع الإخوان وساهم في ما يجري في مصر وسوريا وليبيا والعراق، وبين من يصرخ علنا مهاجما هيلاري قائلا: إن العالم كان أفضل قبلها ويدين ما جري لصدام حسين، وما حدث في مصر، وما يستمر في ليبيا وسوريا!!
لا يمكن إطلاقا المساواة بين من يقول "السيسي وحيدا يواجه الإرهاب بشجاعة" ومن قالت "يجب أن تشمل العملية السياسية في مصر كل القوى السياسية"! ولا يمكن المساواة بين من يقول"ساتعاون مع السيسي لمواجهة الإرهاب" وبين "من مولت قطر حملتها الانتخابية ومن شارك الإخوان في فريقها الانتخابي"!
صحيح التجربة هي المعيار.. لكن من يقولون ذلك يتناسون أننا جربنا هيلاري فعلا، ولا يوجد أسوأ مما كانت المنطقة عليه في وجودها.. أما تعهد ترامب بنقل العاصمة للقدس.. ونقول وبماذا تعهد كل الرؤساء السابقين؟ إنه التعهد نفسه، ولذلك نحن في لحظة ترتيب الأولويات، أما مهاجمته للمسلمين فهو في كل الأحوال أفضل ممن قتلتهم في كل مكان.. لحظة العبور من الخطر الكبير وليست لحظة الانتصار العظيم في المنطقة.. السياسي الشاطر هو من يجيد قراءة اللحظة وترتيب أولوياته فيها!