رئيس التحرير
عصام كامل

رسالة لأعضاء مجلس النواب


أعزائي أعضاء مجلس النواب الموقرين،
تحية طيبة وبعد،
أرجو أن تصلكم رسالتي هذه، وأنتم في أتم صحة وأنعم حال وأفضل عافية، لا يؤرقكم مؤرق، ولا يشغل بالكم شعب لا قيمة له، ولا يضايقكم فقير بشكواه، أو يعكر صفو حصانتكم غلاء فاحش أو فقر مدقع، ولا يحزنكم مريض لا يجد ما يشتري به دواءه، أو مسكين لا يجد ما يسد به رمق أسرته.


أعزائي النواب الموقرين،
اسمحوا لي بأن أسألكم بعض الأسئلة بصفتي مواطنا مصريا ينتمي لهذا الشعب الذي وضعكم في أماكنكم: هل أنتم بيننا بالفعل أم سافر معظمكم في رحلة عمل جماعية للخارج، فتتقاضون رواتبكم بالعملة الصعبة بدلا من الجنيه الذي صار لا قيمة له؟

أعزائي النواب.. هل ترون ما تفعله بنا تلك الحكومة الرشيدة نحن الشعب المطحون؟ – وطبعا استثني من هذا الشعب طبقة الأثرياء ورجال الأعمال والهليبة والفاسدين المرتشين، والسيدة الفاضلة زوجة محافظ البنك المركزي ومن هم على شاكلتها. هل أنتم سعداء بما وصلنا إليه من حال بعد القرارات العجيبة لمجلس الوزراء من تعويم للجنيه ورفع أسعار البنزين والسولار؟ بماذا ستبررون لأهالي دوائركم ما يحدث، هل ستقولون: تحملوا من أجل غد مشرق بسام!

فهذا هو الدواء المر الذي لا بد منه، بل إنه قد تأخر أوانه، وذلك الدواء هو السبيل الوحيد لجذب الاستثمارات، ونيل الرضاء السامي لصندوق النقد الدولي الذي سيتكرم ويتعطف ويمنحنا قرضا بقيمة 12 مليار دولار على دفعات بعد أن لبينا له أوامره، ورضخنا لشرطيه بتعويم الجنيه ورفع الدعم عن المحروقات. هل هذا الحديث ما سترددونه على أهالي دوائركم وهم يسمعونه ليل نهار في وسائل الإعلام المختلفة؟

إن كان هذا ما ستقولونه- وعلى الفرض أن ذلك الكلام صحيح- وكان ذلك الدواء المر لا مفر منه بالفعل حتى يتعافى المريض الذي هو الشعب، أليس من حق المريض أن يطلعه طبيبه على حقيقة مرضه، ويستشيره في طبيعة الدواء الذي سيعطيه له، وهل يفضل المريض العملية الجراحية في ذلك الوقت أم أن صحته لا تحتمل ويكفي العلاج الدوائي حتى يتعافى قليلا ثم تجرى له العملية الجراحية؟ وكيف استطاعت تلك الحكومة أن تتخذ هذه القرارات المصيرية دون أن تقيم لكم وزنا، أي لم تقم للشعب الذي تمثلونه أنتم وزنا، بدليل أنها لم تستشر ذلك الشعب ممثلا في حضراتكم وتأخذ رأيكم في هذه القرارات المصيرية؟.

وعلى افتراض أن صندوق النقد الدولي الذي اتخذت تلك الحكومة قراراتها الكارثية إرضاء له، ومن أجل أن يمنحنا 12 مليار دولار، بالفرض أنه كان جهة نزيهة لا تحركها الصهيونية العالمية، ويتحكم فيه الأمريكان من نوعية أوباما الذين لا هم لهم سوى دمار مصر، وبالتالي يتلاعبون بالصندوق كيف يشاءون لينفذ مخططهم، وبالفرض أن الصندوق فرض هذه الشروط حتى يضمن سداد مصر لديونها المستحقة له، فهنا تكون الحكومة قد لبت شروط الصندوق على حساب فقراء الشعب المصري بدون شك، ولذلك كان يجب رفض ذلك القرض، والبحث أولا عن موارد إضافية تنتشل الدولة من فقرها..

ومن هذه الموارد ببساطة أن تتخذ القيادة السياسية قرارا لا رجعة فيه بمنع الاستيراد للسلع الاستفزازية من نوعية طعام القطط والكلاب، ومنع استيراد بعض الملابس الداخلية الحريمي، حيث كشفت إحصائية للبنك المركزي أن حجم استيراد مصر من قمصان النوم قفز إلى 103 ملايين جنيه، وفي خلال 6 أشهر فقط تم استيراد حمالات صدر حريمي بمبلغ 42 مليون جنيه ومايوهات بـ7ملايين جنيه، وسراويل داخلية بـ32 مليون جنيه، ومايوهات رجالى بـ8 ملايين جنيه، ومايوهات حريمى بـ7ملايين جنيه!.

وتقليل فاتورة الاستيراد إلى أقل حد ممكن، وإعادة هيكلة المصانع المصرية المتعثرة أو المتوقفة، لتنتج الكثير مما نستورده، وإعلان التقشف الحكومي التام قبل تقشف الشعب، مثل إصدار قوانين وقرارات تمنع وجود مستشارين بالآلاف في الوزارات المختلفة، يتقاضون المليارات دون عائد حقيقي، ومنع وجود أساطيل السيارات الحكومية في خدمة الوزراء حتى درجة مدير عام، وخفض التمثيل الدبلوماسي للبعثات المصرية إلى الربع تقريبا، وجمع المليارات من الجنيهات نتيجة الغرامات على البناء على الأرض الزراعية، والتصرف في الأملاك العقارية الضخمة للحكومة المهدرة في أفضل أماكن، والتي سيطر على بعضها بعض اللصوص والبلطجية، والسيطرة على الكهرباء المسروقة من خلف العدادات في المنازل والتي تسرق من المقاهي وغيرها..

واستخدام شركات كبرى للدعاية للإعلان عن أرض العاصمة الإدارية الجديدة ومزاياها في العالم كله، بحيث يباع المتر على الأقل بمئتي دولار مما سيجلب على مصر ما لا يقل عن 300 مليار دولار كما قدر بعض الخبراء، والتقشف في الكهرباء الحكومية خاصة في المكيفات، والتقشف في تجديد المكاتب والشركات الحكومية، والتقشف في إقامة المهرجانات والمؤتمرات، واستخدام المليارات من الجنيهات الراكدة بالبنوك في إنشاء آلاف المصانع وتشجيعها لتعمل بنظام القطاع الخاص، وتوفير الفرص المواتية لها وتذليل كل العقبات لتنتج إنتاجا صالحا للتصدير، ثم ممارسة الدور الحكومي في تذليل عقبات التصدير، هذا بدلا من انتظار مستثمرين أجانب لا يستثمرون سوى في الشيبسي ومساحيق الغسيل، أما المصانع التي تنتج الأدوية والآلات ووسائل النقل وكل ما يعود على الوطن بالنفع فلا تعمل فيها إلخ.

كان يجب أن تتم هذه الإجراءات أولا قبل القرارات الحكومية الكارثية على حساب الفقراء، وكانت هذه الإجراءات الصارمة ستغني عن هذه القرارات وعن قرض الصندوق، وعلى الفرض بعد اتخاذ هذه القرارات لم تغن، وقتها يمكن التفكير في قرض الصندوق رغم أن ذلك مستحيل لو تم تنفيذ السابق تماما.

أعزائي أعضاء مجلس النواب
نرجو منكم أن تفيقوا قليلا، وتقفوا وقفة جادة لتلك الحكومة لتردعوها عن غيها وتعلموها بأخطائها وكوارثها وتبصروها بالبدائل المتبعة في العالم كله لنهوض الدول، بدلا من اللجوء للقرض من الصندوق، وأخيرا نرجو عودتكم بالسلامة من رحلتكم الميمونة من الخارج لمجلسكم الموقر مجلس النواب المصري.


الجريدة الرسمية