رئيس التحرير
عصام كامل

«الانهيار» يحتاج «ثورة» رئاسية


تحمل الشعب المصري الكثير، أملا في استقرار البلد وتحقيق نقلة نوعية وعد بها الرئيس السيسي، الذي لا نشك في صدقه ووطنيته ومواصلته الليل بالنهار حفاظا على مصر وشعبها، لكننا بتنا ندور في دوامة من الفشل تتسع بمضي الوقت، نتيجة "سعة صدر" الرئيس، ومنحه الفرصة تلو الأخرى لمسئولين فاشلين تسببوا في انهيار الاقتصاد والجنيه بصورة غير مسبوقة.


لم تشهد مصر في عهد شريف إسماعيل إنجازا، بل تسير الأمور من سيئ إلى أسوأ، لافتقاده سمات القيادة وسوء اختياره لوزراء غابوا عن المشهد، وتركوا الأمور تسير بالبركة في وزاراتهم، فتراجع كل شيء في الدولة، ونضبت الإيرادات نتيجة توقف العمل والإنتاج، ووزراء تسببوا بتصريحاتهم وقراراتهم في أزمات لا حصر لها، ومع هذا لم يتخذ إجراء تجاه أحد منهم بل دافع عنهم!.

إسماعيل ليس وحده سبب الانهيار، بل انضم إليه طارق عامر محافظ البنك المركزي، الذي يفترض به تثبيت سعر الجنيه وتنمية الاحتياطي الأجنبي، لكن بمجرد تعيينه هلت علينا نسائم "النكسة"، وبدأ نزيف العملة ليقرر خفض سعر الجنيه أمام الدولار، واعدا بقطف الثمار وتحسن الاقتصاد وزيادة العوائد لكن لم تتحقق الوعود!!.

لم يستوعب الشعب صدمة خفض قيمة الجنيه، إلا وكانت الأسعار تضاعفت ووقف شريف إسماعيل وحكومته عاجزين بلا حراك، لكنه كان يصرح من حين لآخر لتهدئة الناس بأن لديه إجراءات لضبط الأسواق ومواجهة جشع التجار، دون أن ينفذ شيئا!!.

أدرك "الإخوان" وأعداء مصر ضعف وعجز شريف إسماعيل وطارق عامر، وبدأوا اللعب على المكشوف، بحرب الدولار وافتعال أزمات السلع، وبدلا من أن يواجه الثنائي عامر وإسماعيل حيل وألاعيب الجماعة الإرهابية وتجار العملة واللصوص بطرق يفترض أنهما أدرى بها من الجميع، أو يبتكرا أساليب جديدة بما أنهما يستحقان قيادة أعلى سلطة تنفيذية ومالية في أكبر دولة عربية، وقفا ومن معهما من الوزراء والمساعدين والمستشارين عاجزين مرتبكين وتركوا الشعب تحت رحمة الجشع والأزمات!.

زاد سعر الدولار بشكل مبالغ فيه، وانفلت زمام الأسعار وشحت السلع، ليبشرنا شريف إسماعيل وطارق عامر بتوحيد سعر الصرف وتعويم الجنيه، وهو في حقيقة الأمر إعلان فشل لإدارة كل منهما ورضوخ تام لمشيئة "الإخوان" واللصوص، والنتيجة "انهيار" العملة المصرية، وبعد أن كان الدولار بأقل من 7 جنيهات، عندما تولى طارق عامر منصبه أصبح بـ9 جنيهات بعد التخفيض الرسمي، ليجبره "الإخوان" وتجار العملة وشروط "صندوق النقد الدولي" على "التعويم" وتحرير سعر الصرف ليفقد الجنيه 100% من قيمته في 24 ساعة نتيجة عجز وفشل عامر وإسماعيل!!.

بدا عامر في مؤتمر "التعويم" مرتبكا ومتوترا، لكنه حاول المزح بأن "مراته فرحانة لأن وديعتها في البنك هتجيب عوائد أكثر".. بصراحة لا أعرف على من يضحك محافظ "النكسة"، أي عوائد أكثر يبشرنا بها إذا كان الجنيه لم يعد له قيمة من الأساس، والأسعار تضاعفت في اليوم نفسه، والودائع والرواتب وكل ما يملكه الشعب تآكل وقيمته انخفضت، ولم يربح إلا رجال الأعمال والتجار أصحاب البضائع والسلع المخزنة التي زادت أسعارها.

أما شريك عامر في الانهيار الاقتصادي شريف إسماعيل فاعتبر أن تحرير سعر الصرف وخفض قيمة الجنيه المصري يوم تاريخي، وكأنه حقق إنجازا، ولم ينته "الخميس الأسود" في مصر، إلا وزاده إسماعيل "سوادا" برفع أسعار المحروقات دون سابق إعلان أو تمهيد في صدمة جديدة للشعب، غير آبه بالتداعيات ولا النتائج أو دراسة ما ينتج عن هكذا قرارات"خرقاء" اشترطها "صندوق النقد الدولي"، لتحصل مصر على القرض المشئوم.

برر إسماعيل قراراته التي استهدف بها الشعب الفقير، بأن الحكومة لا تملك ترف الوقت، ونسى أن الشعب لا يملك ترف تحمل حكومة فاشلة، و"نحس" محافظ أكد زيادة "الاحتياطي" بعد التعويم، فانخفض أمس 500 مليون دولار، كما ارتفع سعر الدولار إلى 18.45 جنيه أي أكثر من سعر السوق السوداء قبل التعويم.. وأمام هذا "الانهيار" وفشل جميع سياسات ثنائي "نكسة مصر" بات لزاما على السيسي أن يتخذ "ثورة" قرارات تأخر فيها كثيرا، بإقالة إسماعيل وعامر وتعيين رئيس وزراء "قيادي واقتصادي" ومعه محافظ مؤهل لحمل المسئولية حتى ينتشلا البلد من كبوتها.
الجريدة الرسمية