كيف تنبأت بفوز ترامب وسط تأكيدات بفوز هيلاري؟
في مارس الماضي كتبت مقالا في "فيتو" بعنوان "ماذا سيحدث عندما يفوز ترامب برئاسة أمريكا؟" وعقب تفجيرات بروكسل عرفت أن ترامب بات الأقرب للرئاسة، فكتبت مقالا في "فيتو" بعنوان "تفجيرات بروكسل ونبوءة ترامب"، وعقب سقوط هيلاري كلينتون مصابة بالتهاب رئوي وسط تأكيدات عن ليقاتها الصحية للرئاسة كتبت مقالًا بعنوان: "هل فاز ترامب بسباق الرئاسة قبل أن يبدأ؟"
وفي الأسبوع قبل الماضي، ووسط استطلاعات رأي أمريكية تؤكد بشكل قاطع أن هيلاري كليتنون ستفوز؛ لأنها فازت بجميع المناظرات بينها وبين رونالد ترامب، وبعد تسريباته الجنسية، كتبت مقالًا شرحت فيه أن "استطلاعات الرأي لا تعني شيئًا" في سباق الرئاسة الأمريكية، وأن المناظرات الثلاث التي فازت بها هيلاري لا قيمة لها، وأن سيناريو انتخابات 2004 بين جورج بوش وجون كيري سيتكرر، حيث خرجت استطلاعات الرأي لتؤكد فوز كيري، ثم فاز جورج بوش رغم كذبه في حربه على العراق وجر الولايات المتحدة إلى وضع اقتصادي كان الأسوأ.
لنتحدث أولا عن التصويت؟
كيف فاز ترامب؟
ركزت حملة ترامب على أصوات الأمريكيين من ذوى البشرة البيضاء، هذه حقيقة انتخابية، في مواجهة الأقليات والأمريكيين الأفارقة، وتعامل الأمريكيين "من ذوي البشرة البيضاء على أنهم أقلية"، واستطاع ترامب أن يفــوز في ولايات لم يستطع جورج بوش الفوز بها أمام جون كيري في عام 2004، وهي ولايات ظلت ديمقراطية في عهدي أوباما.
فعبر 12 عامًا صوتت ولايات ويسكونسون، متيشجان، وبنسلفانيا صوتت الولايات الثلاث للديمقراطييــــن، تمكــــن دونالد ترامب من الفــوز بها، وإذا كان ترامب فاز في الولايات التي تمثل ثقل ناخبي كبيــر للديمقراطييــــن عبر ثلاثة انتخابات رئاسية بما فيها انتخابات جوج بوش، لم يكن من الصعب عليه من أن يستعيد الولايات التي كان جورج بوش فاز بها أمام جون كيري، وفقدها الجمهورييــن، حيث فاز ترامب بأصوات ولايات فلوريدا، وأيوا، وأوهايو، كارولانيا الشمالية والتي صوتت للديمقرطيين في انتخابات أوباما – ماكين، وأوباما- رومني.
تنبأت بفوز ترامب منذ عام.. فهل ضربت الودع؟ أم قـرأت الغيـب؟ لا هــذا ولا ذاك، كنت أعــرف سلــوك الناخـــــب الأمريكي وأعرف العوامل المؤثــرة عليه، تابعــت ثلاث انتخابات رئاسية عن كثب وعرفت بفوز دونالد ترامب، رغم تأكيدات الجميع بفوز هيلاري كلينتون وبخاصة بعد التصريحات العنصرية، أحاديثه غير اللائقة عن النساء، وعن المخاوف التي أثارتها تصريحاته ضد الأقليــات الأمريكية.
فالناخب الأمريكي لا يتأثر بتسريبات تحتوي على محادثات عن ولع ترامب بسيدة ومحاولته إقامة علاقة معها، كان يمكن لترامب أن يفوز بسهولة حال ضبط لسانه وحال تمكن مستشارو حملته الرئاسية من كبح جماحه، كانوا يتمنون أن يكون ترامب أكثر دبلوماسية وأكثر حرصًا عند الحديث عن الأقليات أو كلما فتح فمه ليتحدث، ولم يكن يعرفون أن تصريحات ترامب ترقى وتعجب الكثير من الأمريكيين الذين لا تصل إليهم استطلاعات الرأي.
ترامب فاز لأن الناخب الأمريكي لم يكن لينتخب سيدة حاولت أن تترشح عن الحزب الديمقراطي سابقًا وفشلت، هيلاري كلينتون فشلت ليس لأنها سيــدة، ولكنها لأنها بدت مرشحة عاقلة ومقبولة، وسط ناخبين أمريكيين يحبون التغيير والمخاطرة، هيلاري كلينتون خسرت سباق الرئاسة قبل أن يبدأ لأنها فاقدة الكارزيما، فباراك أوباما الذي وعد الأمريكيين بتغيير اقتصادي كبير، عجز عن التغيير عبر 8 سنوات، ولكنه ظل رئيسًا له كاريزمته الخاصة.
ووسط عالم غربي أصابـته "داعش" بالهلع، كان الأمريكيــون يتطلعون لرئيس قوي حتى وإن كانت سياسته الخارجية ستعيد مجدد صــورة ذهنية سيئة لأمريكا مرة أخرى أمام العالم. هناك ثلاثة قضايا وعــوامل تحكم سلـوك الناخب الأمريكي وتؤثر فى صوته الانتخابي.
الأمن القومي: فالأمريكيــون كانوا يريدون رئيسًا قويًا يشن حروبًا في الخارج قبل أن تأتي إليه، يواجه النفوذ الروسي في آسيــا وفي الشرق الأوسط ويوقفه.
الاقتصاد: الأمريكيون جربوا سياسية الديمقراطيين الاقتصادية ولم يتحسن الاقتصاد، لذلك عادوا مجددأ لمن يفضل خفض الضرائب وتقليل النفقات، فيما يحب الديمقراطيــون فرض مزيد من الضرائب على الأغنياء فقط.
الكاريزما: الأمريكيون يعشقون الرئيس الذي لديه كريزما، جون كيـــري ظهر بلا كاريزما، ولذلك فشــل أمام جورج بوش في 2004، وجون ماكين لم يكن لديه أي كاريزما لإيقاف كاريزما أوباما الفائقة في انتخابات 2008، ولم يكن ميت رومني في انتخابات 2012 يملك الكاريزما الكافية لإسقاط أوباما.
يبقى العامل غير المرئي والذي حسم بشكل كبير فوز ترامب، وهو الدعم الإسرائيلي له، فإسرائيل تريد رئيسًا يشاركها في ضرب إيران، أو يؤمن لها الدعم والتغطية الدبلوماسية الكافية، ويعيد تشكيل منطقة الشرق الأوسط الجديد بما يضمن تفوق إسرائيل من جديد.
وبينما أراقب ردود الأفعال بــ"قناة السي إن إن"، وقناة "فوكس الأمريكية" التي قالت: "لقد فعلها ترامب"، والتي تصف مشهد الانتخابات الرئاسية باللامعقول، وأن ترامب حقق فوزًا تاريخيًا في ولايات لم تحققه منذ عقود.
فقبل بدء التصويت كان الجميع يتوقع فوز هيلاري كلينتون، وكنت أعرف أنهم واهمون ويحلمون؛ لأني أعرف أن “Trump Factor” كافٍ ليحقق له الرئاسة.