يوسف فرنسيس يكتب: ورود في مصنع الشر
في عموده "سكوت" بجريدة الأهرام عام 1999، كتب الكاتب الفنان يوسف فرانسيس مقالا قال فيه: "منذ 42 عامًا كتب توفيق الحكيم يقول: لقد بلغ من تمكن الروح السلبية فينا أننا نرى من إذا أراد أن يشيد بعمل أو شخص لم يجد طريقة يعبر بها عن غرضه غير أن ينقص من قدر عمل آخر.. فهو لكي يضع حجرًا لابد أن يسقط حجرًا.. ولهذا لايمكن أن يقوم بناء أو يتم إنشاء".
وتابع: "ولو عاش بيننا توفيق الحكيم اليوم لازداد مرارا وعجبا عندما يرى من يكتب عن نفسه سطورا من الإطراء قبل أن يتحول ليقذف غيره بحجارة الاحقاد، ورغم أن الفن واسع، عقول البعض ضيقة، تريد أن تكتم أنفاسه، وإذا كان الحكيم قد استطرد أن الأديب أو المفكر أو الفنان رجل تكوين وتربية وخلق.. لا رجل سيطرة وانتصار، فهو لايحب أن يلبسك رأيه، بل يجب أن يخلق فيك رأيك".
وأضاف "فرانسيس" في مقاله: "أن ماحدث للأسف ــ مع مرور السنوات ــ مارفضه المفكر الكبير منذ 42 عامًا عندما أكد أن أصعب شيء في الوجود هو صحة الحكم على طبيعة الأشياء والأشخاص، لما يتطلب ذلك من النظر إلى الحقيقة من جملة زوايا، وأن تكون على جانب كبير من المعرفة والتجربة.. بينما مانصادفه اليوم للأسف هو ادعاء المعرفة والتجربة وتضخيم الأنا، وخلط القيم عن تعمد مقصود".
واختتم مقاله قائلا: "كثيرًا ما احترمت أشخاصًا لما يبدو من ثقافتهم، فما أن يخلطوا في قيم الأشياء والأشخاص حتى ينهار احترامهم من نفسى.. جملة قالها الفيلسوف قبل أن يرحل ورثناها عنه، وبقيت عالقة بالنفس.. مثل هذه الكلمات التي بقيت من رصيد حرب بقاء القيم والفن على شاشة الحياة.. عندما تصبح كلمات التقدير هي الحب الباقي الوحيد في مصنع الشر".