رئيس التحرير
عصام كامل

إشكالية الخطاب السياسى فى مصر


يمثل الخطاب السياسى أحد أخطر الإشكاليات التى تشهدها مصر حاليا، فمنذ أن تولى الدكتور محمد مرسى الحكم، والخطاب السياسى لنظامه يتسم بقدر كبير من الخطورة، فالخطاب السياسى لمعظم رموز النظام الحالى -وعلى رأسهم رئيس الجمهورية- يمثل كارثة بمعنى الكلمة.


وعلى الرغم من أن الخطاب السياسى بصفة عامة، يتسع ليشمل جوانب عدة، سواء كانت لغة أو طريقة أداء أو قرارات أو سياسات أو ممارسات، أو...إلخ، إلا أن هذا المقال سوف يركز على جانب واحد فقط، وهو اللغة، وذلك لكونها أكثر جوانب الخطاب السياسى خطورة فى مصر.

فقد شاهدنا خلال التسعة أشهر الأخيرة، العديد من الخطابات لرئيس الجمهورية، والتى تراوحت ما بين حوارات تليفزيونة، وبيانات، وتصريحات، و...إلخ، وكان معظمها يُقابل بالنقد تارة، وبالسخرية تارة أخرى.

فقد تضمن الخطاب السياسى للرئيس مرسى - فيما يتعلق بالجانب الذى سبق الإشارة إليه - إشكاليات كثيرة، تتمثل أهمها فى التالى:
خطاب إرتجالى:
إتجه الرئيس مرسى فى معظم خطاباته إلى الخروج عن النص، والاعتماد على المنهج الإرتجالى، واستخدام عبارات عفوية من قبيل "الحارة المزنوقة"، و"اللى هيحط صابعه داخل مصر هأقطعه"!، وغيرها من العبارات الأخرى، وهو ما تسبب فى موجة كبيرة من السخرية، والحقيقة أن موجة السخرية هذه لم تكن موجهة ضد المنهج الارتجالى ذاته - بل على العكس فقد أثبتت الارتجالية قدرتها من قبل على التأثير والإقناع فى مواقف تاريخية عدة ومن قبل زعماء سياسيين توافرت لديهم هذه القدرة- وإنما كانت موجهة ضد طريقة تطبيقها من جانب الرئيس مرسى، الذى لم تتوافر لديه الكاريزما أو الشخصية التى تمكنه من الإرتجال، وهو ما تسبب فى خروج خطاباته بهذا الشكل الذى يستدعى السخرية.

خطاب دينى بحت:
ليس عيبا أو خطأ أن يتضمن الخطاب السياسى سياق أو بعد دينى - بل بالعكس فهو مطلوب - ولكن الخطأ أن يكون الخطاب السياسى ما هو إلا خطاب دينى، نعم فمعظم خطابات الرئيس مرسى غلب عليها الطابع الدينى، مقابل افتقارها للطابع السياسى، فما معنى أن تتضمن معظم خطاباته آيات قرانية وأحاديث نبوية، متجاهلة للرؤى والحلول السياسية؟!، وما معنى أن يقوم بتوجيه خطابه سواء لقوات الشرطة أو قوات الجيش من داخل مسجد بعد صلاة الجمعة، متسببا بذلك فى تهميش فئة كبيرة من الأقباط الذين ينتمون إلى هذه القوات؟!.

خطاب منافٍ للواقع:
تتضمن خطابات الرئيس مرسى العديد من الشهادات والتصريحات المنافية للواقع والمزيفة للتاريخ، وكانت من أهم هذه التصريحات، الأرقام التى خرج بها على الشعب فى استاد القاهرة، لرصد إنجازاته خلال المائة يوم الأولى من حكمه، والتى كانت منافية لكافة الوقائع والشواهد، بالإضافة إلى قيامه بمجاملة الشرطة -أثناء لقائه مع بعض قواتها- من خلال إشادته بدورها فى ثورة 25 يناير، وتأكيده بأنها كانت فى القلب منها!.

خطاب انحيازى:
وأخيرا، تتمثل أهم وأخطر إشكاليات الخطاب السياسى فى مصر، فى اعتباره خطابا انحيازيا، حيث غلب على معظم خطابات الرئيس مرسى انحيازه وبصورة كبيرة لجماعته، ويعد أقرب دليل على ذلك إدانته -خلال حواره التليفزيونى الأخير- للاعتداء على مقر حزب الحرية والعدالة ببورسعيد، مقابل تجاهله للاعتداء على بعض المقرات لأحزاب المعارضة، بالإضافة إلى خطابه من قبل -أثناء أزمة الإعلان الدستورى- لمؤيديه أمام قصر الاتحادية، والذى أثار جدلا كبيرا، باعتبار أنه كان من الأولى إلقاء هذا الخطاب - وقتها - على المعارضين فى ميدان التحرير، الذين من المفترض أنهم كانوا بحاجة - إلى حد ما - إلى رسالة الطمأنة التى بعثها إلى مؤيديه أمام قصر الاتحادية.
nour_rashwan@hotmail.com
الجريدة الرسمية