رئيس التحرير
عصام كامل

الغموض يحيط بالنووي الإيراني.. أوباما يمدد العقوبات.. الحرس الثوري يهدد بنصب أجهزة الطرد المركزي.. تدخلات طهران في اليمن وسوريا يعجل بإفشاله.. والعالم يترقب الرئيس 45 للبيت الأبيض لوضع حد للأزمة

إيران
إيران

مستقبل غامض يحيط بالملف النووي الإيراني، في ظل التهديد المستمر من تيار المحافظين وصقور الحرس الثوري بإلغاء وتجميد الاتفاق مع الدول الكبرى، في حالة عدم وفاء واشنطن برفع العقوبات عن طهران، ما يشير إلى أن شهر العسل بين إيران وأمريكا أوشك على الانتهاء، وحتى الآن لم تدخل بعض الجوانب المالية للاتفاقية حيز التنفيذ، حيث مازالت بعض البنوك الأوروبية ترفض تمويل المصالح التجارية التي لها علاقة بإيران، بسبب الخوف من غرامات الولايات المتحدة.


تمديد العقوبات
السبت الماضي، وقع الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، على قرار يقضي بتمديد العقوبات الأمريكية أحادية الجانب ضد إيران، وفق "قانون حالة الطوارئ الوطني بشأن إيران" لمدة عام آخر.

وأكد البيت الأبيض في رسالة إلى الكونجرس الأمريكي، أن الرئيس باراك أوباما وقع على قرار تمديد حالة الطوارئ بشأن إيران السارية منذ أزمة الدبلوماسيين الرهائن الأمريكيين في طهران عام 1979، حيث اعتبرت الولايات المتحدة إيران بمثابة تهديد استثنائي لأمن الولايات المتحدة القومي وسياستها الخارجية واقتصادها".

عقوبات 10 أعوام
فيما ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية تقريرًا لها، عن جلسة مجلس الشيوخ التي عقدت في أواخر هذا الشهر، وكان بين يدي نواب المجلس ورقة مهمة ومثيرة للجدل، تحمل مقترحًا لمتديد العقوبات ضد إيران عشرة أعوام إضافية.

ولفت الصحيفة إلى قرب موعد انتهاء قانون العقوبات الأمريكية "ISA" المقرر في نهاية هذا العام، موضحة أن الإعداد لقانون عقوبات جديدة ضد إيران، حيث يعتبرها نواب الكونجرس من التدابير الضرورية التي تجعل واشنطن تواجه بإقرار إجراءاتها العقابية عصيانًا إيرانيًا على بنود الاتفاق النووي.

وأوضحت الصحيفة أن الكثير ينظر لمشروع قانون العقوبات الجديدة تجاه إيران لمدة 10 سنوات، على أنه أفضل فرصة لفرض تدابير عقابية جديدة على طهران لوقف تجاربها على الصواريخ البالستية بعد الصفقة النووية.

الموقف الأوروبي
الأمر لا يتوقف عند الولايات المتحد، لكن تبحث الدول الأوروبية فرض ضغوط أكثر على طهران، فخلال الأسابيع الماضية اعتبرت المحكمة العامَّة التابعة لمجلس الاتحاد الأوروبي احتجاجَ الشركة الوطنية الإيرانية لناقلات النِّفْط على عقوبات فُرِضت عليها في عام 2015 مرفوضًا، وأمهلَتها شهرًا للدفاع عن نفسها، في حين يحظى خروج شركة ناقلات النِّفْط الإيرانية من قائمة العقوبات الأوروبية بأهَمِّيَّة خاصَّة في عملية تطبيع تصدير النِّفْط الإيراني إلى أوروبا.

ولَمّح وزير خارجية بريطانيا بوريس جونسون، 16 أكتوبر الماضي، إلى الوضع المتأزم في سوريا، متوقِّعًا التباحث حول فرض عقوبات جديدة على روسيا وإيران.

تهديد إيراني
والخميس الماضي، هدّد نائب قائد الحرس الثوري الإيراني العميد حسين سلامي، الولايات المتحدة، بإعادة أنشطة المفاعل النووي الإيراني ونصب أجهزة الطرد المركزية التي تم تعليق أنشطتها عقب التوقيع على الاتفاق النووي في يوليو الماضي، مضيفًا: "سنضع الاتفاق النووي في المتحف".

وقال العميد سلامي في كلمة له أمام المتظاهرين في ذكرى اقتحام السفارة الأمريكية بطهران عام 1979: "إذا لم تلتزم الولايات المتحدة بالاتفاق النووي، فإننا سنضعه في المتحف الإيراني وسنعيد أنشطتنا النووية ونصب أجهزة الطرد المركزي من جديد".

وفي يونيو الماضي حذر المرشد الأعلى الإيراني، آية الله على خامنئي، مرشحي الرئاسة الأمريكية من التخلي عن الاتفاق النووي الذي أبرمته إيران مع الدول الكبرى.

وقال خامنئي أمام شخصيات زائرة: "نحن لا ننتهك الاتفاق النووي، لكن مرشحي انتخابات الرئاسة الأمريكية يهددون بتمزيق الاتفاق، إذا فعلوا ذلك، فإننا سنحرقه".

وتابع خامنئي: "يتعين على الطرف الآخر رفع العقوبات، لكنه لم يفعل، ولم يتم تنظيم مسألة التعاملات المصرفية، ونحن غير قادرين على استعادة الأموال المتأتية من دخل النفط وغيرها من الأموال التي لدينا في دول أخرى"، وأضاف: "الأمريكيون لا يطبقون جزءًا كبيرًا من التزاماتهم كما نفعل نحن".

وتقول إيران إن معظم البنوك الدولية، خاصة في أوروبا، تتردد في التعامل معها خشية التعرض لعقوبات أمريكية.

اليمن وسوريا
كما لم يقف الاتفاق النووي عند رفع العقوبات بل ارتبط بالتدخلات الإيرانية في المنطقة، وهو ما كشفته تصريحات وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، أحد المصممين الأساسيين للاتفاق النووي، عن أول الشكوك في استمرار خطة العمل المشترك مع إيران.

وقال جون كيري، في ربط بين الاتفاق النووي والدور الإقليمي لإيران في اليمن وسوريا، قائلًا: "ما دامت إيران مشغولة باليمن وتدعم الأسد وحزب الله وتطلق الصواريخ… فإن هذا الأمر سوف يجعل الجهود التي تُبذَل من أجل تقدُّم سريع في الاتفاق النووي، تواجه تعقيدات شديدة".

إن ما سمَّاه جون كيري "تعقيدات شديدة" في تنفيذ الاتفاق النووي، ليس مستبعَدًا أن يكون هو نفس ما وصفه على أكبر صالحي بـ"مخاطر تواجه الاتفاق النووي في ظِلّ الحكومة الأمريكية القادمة"، ومِن ثَمَّ، فعلى الأقلّ أحد عوامل المخاطرة بالاتفاق غيرِ قليلِ الأعداء في أمريكا وإسرائيل والسعودية، هو ارتباط مصير الاتفاق النووي بالدوري الإقليمي الذي تلعبه إيران في تطوُّرات الشرق الأوسط، ومنه ما تفعله في اليمن وسوريا.

هيلاري وترامب
يبدو أن مستقبل الاتفاق النووي أكثر غموضًا مع الرئيس الأمريكي الـ45، في حال فوز هيلاري كلينتون في الانتخابات الأمريكية، فإن الرئيسة الجديدة لن ترغب، في مستهَلّ عملها، في مواجهة الكونجرس الذي ستبقى الأغلبية في أحد مجلسيه "مجلس النواب"، حسب التوقُّعات، بيد الحزب الجمهوري، وذلك في سبيل الحفاظ على الاتفاق النووي الذي أبرمه أوباما مع طهران.

ووصف المرشح الجمهوري المرجح لسباق الرئاسة الأمريكية دونالد ترامب الاتفاق النووي بأنه "كارثي".

وفي مارس، قال ترامب إنه في حال انتخابه فإن أولى أولويات سياسته الخارجية ستكون إلغاء الاتفاق، وتفكيك ما وصفه بشبكة إيران العالمية "للإرهاب"، ووصف المرشح الجمهوري المرجح لسباق الرئاسة الأمريكية دونالد ترامب الاتفاق النووي بأنه "كارثي".

ويرى مراقبون أن الجميع سينتظر الرئيس الأمريكي القادم "ترامب - كلينتون"، ليكشف عن سياسته الخارجية التي تربط بين الاتفاق النووي ودور إيران في المنطقة والعلاقة بين الكونجرس والرئيس الجديد في تحديد السياسية الخارجية لأمريكا.
الجريدة الرسمية