رئيس التحرير
عصام كامل

رويترز.. وطريق «العنب المر» في مصر !


تقريبًا.. مصر كلها تحدثت وقالت رأيها في موضوع تحرير سعر الصرف ورفع أسعار البنزين والسولار.. والبركة في مواقع التواصل الاجتماعي اللي كشفت عن وجود 90 مليون خبير اقتصادي في مصر وهم أنفسهم خبراء الكرة وخبراء السياسة وخبراء كل حاجة في أي وقت.. وحتى لا يفهم كلامي بسوء الظن، أؤكد أن حالة الغضب موجودة وحالة عدم التوازن داخل السوق تستمر لفترة وهذا طبيعي.


وباختصار شديد دون الدخول في تفاصيل مرهقة وجدلية.. قناعتي الشخصية التي لا تأثير لها تسير في اتجاه أن هذه القرارات الصعبة في هذا التوقيت الأصعب أكدت بما لا يدع مجالا للشك أن الدولة المصرية بكل ما فيها من مسئولين قررت أن تترك طريق"العنب المر" وتتجه إلى طريق "الليمون الحلو".. وأن هذه الدولة ربما تكون قد اختارت التضحية بالأم من أجل أن يعيش الجنين.

ومنذ صدور هذه القرارات القاسية والجميع –من يعرف ولا يعرف– يتحدث ويقول رأيه، وهذا طبيعي ولكن ما هو غير طبيعي هذا الكم الهائل من الشائعات المغرضة الموجهة في صميم شريان المجتمع المصري.. وهو ما يزيد من يقيني الذي لا يقبل الشك أن هناك من هم داخل الوطن لا يريدون وطنًا.

أما أهم ما لفت نظري كصحفي في هذا الموضوع هو أن خبر تحرير سعر الصرف وخبر رفع أسعار البنزين والسولار انفردت بهما وكالة "رويترز"، وتناقلته بعد ذلك كل وسائل الإعلام المصرية من هذه الوكالة.. وهو ما استوقفني بشدة وجعلني أتساءل بالبلدي كده.. (مش هي دي "رويترز" اللي قعد الإعلام يشتمها ليل نهار علشان بتبث تقارير سلبية عن مصر.. وفين بقى الإعلام الحكومي المقرب من السلطة بل وفين الإعلام الخاص الذي ينام ليل نهار في أحضان السلطة.. هو مفيش وسيلة إعلامية من كل هؤلاء المقربين عرفت بالخبر قبل "رويترز"؟!!)..

ثم أن انفراد "رويترز" بالخبر دون عن باقي وسائل الإعلام المصرية تحديدًا يجعلني أفكر في سببين.. الأول هو أن السلطة أرادت أن تبدأ رويترز ببث الخبر بصفتها وكالة عالمية والجميع سينقل عنها.. والثاني هو أن مندوب "رويترز" في مصر وهو مؤكد صحفي له داخل السلطة مصادر قادرة على الانفراد بمثل هذه الأخبــار ثقيلة الوزن.. وفي كلتا الحالتين أنا لا أجد أمامي سوى القول: "رويترز ضربت كل وسائل الإعلام المصرية المقربة والمطبلة للسلطة ضربة مؤلمة"!

وأخيرًا.. عندما قرأت في أحد المواقع الكبرى خبر تحرير سعر الصرف وفي العنوان: "رويترز": تحرير سعر الصرف في مصر".. ظللت أضحك كثيرًا.. فهذا الموقع يقول من عنوانه إن الخبر على مسئولية "رويترز".. ولم يكتف بكتابة المصدر في الخبر بل في العنوان ليؤكد أن رئيس تحريره الذي يعتبر أحد أقرب المقربين من السلطة "نايم في العسل"!
الجريدة الرسمية