رئيس التحرير
عصام كامل

انتخابات محبطة ومخجلة


منذ أسابيع كنت في زيارة لمدينة "لاس فيجاس" الأمريكية، فشاهدت أحد المتسولين، الـ "Homeless"، رافعًا لافتة مكتوبًا عليها "أدفع لي نقود وإلا سأعطي صوتي لـ هيلاري كلينتون!!"، أي أن كراهية ناخبين لمرشح، أصبحت وسيلة ذكية لجذب الأموال، وهي لافته رغم بساطتها وطرافتها، فإنها تعبر عن حالة الانقسام غير المسبوقة بين الأمة الأمريكية هذه الأيام، حالة الانتخاب بين السيئ والأسوأ، أو كما وصفها المخرج الأمريكي الشهير، "أوليفرستون"، صاحب الثلاث جوائز أوسكار، بأنه اختيار بين الكوليرا والطاعون.


حتى أن البابا فرانسيس وصف عملية الانتخاب الجارية بـ "الاختيار الصعب".. وهو ما أكده "ويسلي برودن"، الصحفي بصحيفة "واشنطن بوست"، أنه أسوأ الخيارات في تاريخ الولايات المتحدة.. بل يرى الكثير من الأمريكيين أن أيًا من "هيلاري" و"ترامب" حال فوز أحدهما، سيكون مكانه في قائمة أسوأ الرؤساء الأمريكيين بجانب "أندرو جاكسون" و"ليندون جونسون" و"وودرو ويلسون" وغيــرهم.

وربما هذه هي المرة الأولى التي سنجد بها ديمقراطيين سينتخبون المرشح الجمهوري والعكس، حتى أن بعضًا من رعاة الحزبين أعلنوا رفضهم الشديد أن يكون اسم كل منهما تحديدًا مرشحًا للحزب الذي يرعاه.. بل المناظرات الثلاث لم تضف لأي منهما إلا سوءًا فوق سوء، كذلك احتفال العشاء الخيري الكاثوليكي أيضًا، كان مكانًا للهجوم على الآخر.. أضف إلى ذلك اتهامات هيلاري لـ "ترامب" بالعنصرية واحتقار النساء، يقابلها اتهامات من ترامب لـ "كلينتون"، بالفســاد وكراهية الكاثوليك، مما يعكس مستوى متدنيًا، ولهذا لم يجد وزير الخارجية "جون كيري" وصفًا لتلك الانتخابات في لقائه مع بعض الطلبة أثناء زيارته لبريطانيا عند سؤاله عن رأيه في هذه الانتخابات إلا بالقول إنها "مخجلة".

غدًا الثامن من نوفمبر سوف يتحدد من سيكون رئيس الولايات المتحدة رقم 45، ولا يعلق الكثيرون الآمال على أي منهما حال فوزه، ويستحيل أن تتوقع ما سيرتكبه أي من الناخبين وما سيصدر من قرارات من داخل البيت الأبيض خلال الأربع سنوات القادمة.

ولكن سلسلة فضائح "هيلاري"، والتي بدأت برسائلها الإلكترونية السرية، وعلاقاتها المتشعبة بجماعة الإخوان وتيارات إسلامية متشددة، مرورًا بتسريب أسئلة المناظرات، والكذب، وانتهاءً بما فعله زوجها "بيل كلينتون" حين أصدر عفوًا رئاسيًا عن السجين، "مارك ريتش"، لتتبرع زوجة "ريتش" بعدها لمؤسسة كلينتون الخيرية! كل هذا يجعلها المرشح الأسوأ على الإطلاق.

الخطير في الأمر أنه إذا أصاب الكوليرا أو الطاعون البيت الأبيض، سيعاني الألم العالم بأكمله!
الجريدة الرسمية