في عيد ميلاده الـ38.. «5» حكايات لأبو تريكة في منازل شهداء بورسعيد (تقرير)

يحتفل غدًا محمد أبو تريكة «أمير قلوب» الأهلاوية بعيد ميلاده الثامن والثلاثين، وكانت لي تجربة مع اللاعب، رصدتها عن قرب خلال زيارته لمحافظتي الشرقية والسويس لتقديم واجب العزاء ومساعدة أسر شهداء مذبحة بورسعيد هناك، وصاحبتُ الخلوق لهاتين المدينتين، وشاهدت بنفسي مدى كرمه ودماثة خلقه وحبه لعمل الخير، وكذلك حب الجميع وعشقهم له.

إصراره على سرية الزيارة
كان أكثر ما يشغل أبو تريكة وقتها حرصة على عدم إخبار أحد بذهابه إلى هناك خوفًا من إثارة الأمر في وسائل الإعلام، وتعاهد معي على ذلك، وكنت على العهد ولم أخبر أحدا، ووقتها شاهدت بنفسي مدى الحب والعشق الذي يتمتع به أمير القلوب من الجميع، فبمجرد ظهوره في أي مكان يلتف حوله المئات من المعجبين، ولم يكن يتذمر أو يشعرهم برفضه الوقوف معهم أو التقاط الصور، بل كان يقف مبتسمًا ابتسامته المعهودة حتى ينتهي الجميع من التقاط الصور معه.

مراسل شوبير وغضب تريكة
وعندما توجهنا لأول منزل بمدينة السويس رفض أبو تريكة تناول أي شيء سواء مشروبات أو مأكولات، وقام بتقديم واجب العزاء لأسرة الشهيد، وفوجئت به ينتفض غاضبًا عندما وجد أحد المراسلين، وكان يعمل مع الإعلامي أحمد شوبير وقتها بمدينة السويس، ويطلب مني أن أخبره بعدم رغبته في التصوير، وتفهم المراسل الأمر إلا أنه رفض مسح ما تم تصويره، مما جعلني أقوم بالاتصال بالإعلامي أحمد شوبير، وأشرح له الأمر فطلب مني محادثة المراسل، وطلب منه مسح ما تم تصويره نزولا على رغبة اللاعب الذي يرفض التشهير بما يقوم به، ويرغب في الحصول على الثواب دون شو إعلامي كما كان يفعل البعض.

الاقتداء بالرسول
وعند انتقالنا لمنزل آخر ووجد أبو تريكة والدة الشهيد تحتضن حذاء نجلها الملطخ بدمائه، وتقوم بتقبيله وتبكي بشدة، وأخبره الجميع أن هذا هو حالها منذ الحادث ذرفت عيناه بالدموع، ولم يتمالك نفسه، رافضا أيضا تناول أي شيء من مشروبات أو مأكولات قدمت إليه، وكنا قد سافرنا مبكرًا إلى السويس، واستمررنا هناك حتى صلاة المغرب، وعندما سئلته عن رفضه تناول أي شيء حتى المياه فاجئني بقوله: "الثواب على قدر المشقة"، وأنا أرغب في الحصول على أكبر قدر من الثواب، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم، عندما كان يزور مريضا أو يقدم واجب العزاء كان لا يتناول شيئا عنده، وهو يرغب في الاقتداء به.

أبو تريكة يغادر السويس بصعوبة
وعند الرحيل فوجئنا بأن خبر وجود أبو تريكة بمدينة السويس، انتشر بالمدينة الباسلة بأكملها، ووجدنا أغلب أهالي المدينة ينتظرونه عند طريق الخروج، والجميع متمسك بأن يقوم الخلوق أبو تريكة بتناول الطعام، وهو يرفض بشدة، وأصر على موقفه، وتم إخراجه من المدينة بمنتهى الصعوبة وقتها.

انهيار أبو تريكة
يتكرر الأمر بمدينة الشرقية، والتي شعرت فيها بمدى انهيار أبو تريكة النفسي بعد أن جلس مع أحد أمهات الشهداء، والتي كانت تقوم بالاتصال بنجلها على هاتفه المحمول، وتؤكد أنه سيرد عليها بالرغم من قيامها بدفنه بيدها، وكانت أصعب اللحظات على الجميع مما جعل أبو تريكة يخرج منهارًا نفسيا، وذهبت ابتسامته المعهودة طوال طريق العودة لتأثره بما شاهده.

وكانت كل هذه المواقف التي مرت على أبو تريكة بعد حادث بورسعيد سببا في قربه من الألتراس وتعاطفه معهم ومع قضيتهم، فأبو تريكة شاهد ما لم يشاهده جميع من هاجمه لموقفه مع الألتراس، ورفضه خوض لقاء السوبر المحلي أمام إنبي، أبو تريكة إنسان بمعنى الكلمة، أبو تريكة صديق الشهداء، كل عام وأنت طيب يا أمير القلوب.