من يكتب نوتة مصر.. ومن يختار العازفين ؟
منذ أيام دُعيت من صديق عزيز من الذين يهتمون بالفن ويؤمنون بأنه يجسد الحياة بصورة راقية إلى حفل بدار الأوبرا المصرية، حفل موسيقى وبصورة خاصة عزف الفلوت، وفى الحقيقة سعدت كثيرًا بمجموعة العازفين وهم يعزفون أشهر المقاطع الغنائية والتراثية، وانتهى الحفل بعزف مقطوعة لأغنية وطنية شهيرة وهى أغنية "يا حبيبتى يا مصر" والتي هزت مشاعر الحاضرين وتعالت أصوات المستمعين مع الموسيقى بالغناء لحبيبتنا مصر الغالية.
وفى الواقع وأنا أستمع إلى العزف المبدع من المجموعة التي قدمت لنا هذا الفن الراقي تأملت كيفية التناغم بين فريق العازفين كل عازف يُركز في آلته الموسيقية وينظر إلى النوتة ومتوحد مع الموسيقى وكل عضو من أعضاء فريق العازفين يعرف كيف يبدأ وكيف يتوقف ليبدأ زميله بآلة موسيقية أخرى، وكيف أن العزف يخرج بصورة رائعة ومُبدعة تحرك المشاعر الإنسانية في أعلى صورها وفى ثنايات ذلك المشهد تخيلت وتمنيت أن تكون مصر كفريق العازفين كل واحد من أبناء مصر يعرف ما عمله وما واجباته وما حقوقه بل تخيلت أن تُكتب نوتة مصر بصورة منظمة بحيث تصبح كل مؤسسة تعرف ما عليها وما لها، وكل فريق عمل يتكامل مع الآخر بحيث يكون الناتج صورة رائعة من الإبداع والإنتاج واحترام الآخر.
بل طرحت السؤال على نفسى وأطرحه عليك عزيزى القارئ ألا وهو من يكتب نوتة مصر ومن يختار العازفين؟ وأقصد من يخطط لمصر ومن يفكر لها؟ ومن يُصر على أن تتراجع مصر؟ بل السؤال الأخطر من يختار العازفين الذين لا موهبة لهم ولا خبرة ولا وطنية، ومن ثم يخرج العزف متناثر ومتعارض ويُطرح على الجمهور فيؤثر فى سمعهم ومشاعرهم، من يخطط للاقتصاد في مصر حتى نصبح الآن في أزمة اقتصادية ؟ ومن يخطط للثقافة في مصر حتى نصبح الآن في أزمة وعى وأزمة ضمير؟ ومن يخطط للعدالة الاجتماعية؟ حتى نرى معاناة المواطنين، ومن يخطط للتعليم حتى يصبح سلعة للتجارة ومُفرغ من مضمونه، ومن يخطط لضرب السياحة لتضرب قطاعًا كبيرًا من الاقتصاد.
ألا تستحق مصر أن تكتب لها نوتة موسيقية بعقول نيرة وقلوب مخلصة وألا تستحق مصر أن يُختار لها عازفون ماهرون متخصصون في أدائهم فكم تمنيت وأنا أستمتع بسماع موسيقى راقية من فريق للعازفين متخصصين ودارسين وموهوبين أن يكون لمصر عازفون متخصصون كل في مجاله يعرف كيف يسهم في المنظومة وكيف يخطط وكيف يبنى؛ فتربة مصر ولادة ومن له أذنان للسمع فليسمع.