أولويات الحكومة في استغلال قرض صندوق النقد الدولي «تقرير»
سيطرة حالة من التعتيم والكتمان من مسئولي الحكومة حول ملامح أولويات التنفيذ المقترحة بشأن قرص صندوق النقد الدولي، في الوقت الذي أصدرت فيه الحكومة قرارين في نفس الوقت الأول تعويم الجنيه والثاني ارتفاع أسعار الوقود، كإجراءات تمهيدية لتنفيذ اشتراطات صندوق النقد الدولي للحصول على القرض.
من جانبهم طرح المراقبين والخبراء علامات استفعام كثيرة حول خطة الحكومة للاستفادة من قيمة القرض واكتفت الحكومة بتبرير موقفها بأنها تنفذ برنامجا إصلاحيا يستهدف معالجة الاختلالات والتشوهات في هيكل الأداء الاقتصادي.
من ناحيته قال السفير جمال بيومي، الدبلوماسي السابق، رئيس برنامج الشراكة المصرية الأوروبية بوزارة التعاون الدولي، إن قرض الصندوق سيوجه إلى دعم السياسات التي تستهدف تحقيق التوازن في سعر الصرف، وذلك من خلال توفير العملة الأجنبية الصعبة.
وتابع أن القرض لن يستخدم في تمويل المشروعات القومية كما يعتقد البعض، متوقعا أن يتم تخصيص جزء من القرض لسد العجز بالموازنة العامة للدولة.
واستطرد بيومي أن مصر لديها أيضا خلل في ميزان المدفوعات والحصول على القرض في الوقت الحالي سيساهم بشكل ما في دفع عجلة الاقتصاد، رافضا ما تردد هو محاولة الحكومة الحالية إرضاء صندوق النقد الدولي.
وشدد أن الصندوق لم يمل شروطا بعينها، وإنما طالب بانتهاج سياسات لتحسين الأوضاع الاقتصادي، قائلا: "الصندوق مش ربنا عشان نحاول نرضيه".
وأضاف رئيس برنامج الشراكة المصرية الأوروبية بوزارة التعاون الدولي، أنه لم يكن للحكومة بديلا عن تعويم الجنيه ورفع الدعم عن المحروقات، بعد تفاقم الأزمة الخاصة بالعملة، مطالبا بتفعيل الرقابة على الأسعار، حتى لا يستغل التجار الأوضاع، وبالتالي يبالغون في رفع أسعار السلع.
وشاركه الرأي فخري الفقي المستشار السابق بصندوق النقد الدولي، مؤكدا أن الهدف الرئيسي من الحصول على القرض هو سد الفجوة التمويلية التي يواجهها الاقتصاد المصري، وتوفير السيولة اللازمة التي نحتاج إليها لتطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي.
وتابع أن مصر دولة عضو في الصندوق ومن حقها وفقا لقوانين الصندوق الحصول على 6 أضعاف حصتها في صورة قرض، منوها أن أموال القرض لن توجه لتمويل المشروعات القومية.
وأشار الفقي إلى أن الصندوق ليس مؤسسة خيرية وبالتالي فهو يسعى لضمان قدرتنا على سداد القرض من خلال موافقته على برنامج الحكومي، وبهذة الموافقة يمنحنا القرض ومعه شهادة ثقة بأن الاقتصاد المصري قادر على التعافي وسداد ديونه.
وأضاف أن التعاون بين مصر وصندوق النقد الدولي استمر خلال السنوات الماضية، التي منحنا بها الصندوق عددا من النصائح لتوحيد سعر الصرف، ومواجهة العجز بالموازنة العامة للدولة، مؤكدا أنه القرض لم يفرض على مصر أي شروط.
وفي السياق ذاته أكد الدكتور صلاح هاشم، أستاذ التنمية والتخطيط بجامعة الفيوم، أن الحكومة لم تفصح عن نيتها في استغلال قرض صندوق النقد الدولي حتى الآن، ولم تتعامل مع الرأي العام بشفافية فيما يخص شروط الصندوق.
وتوقع أن يتم توجيه أموال القرض لسداد فوائد الديون الخارجية، التي من المتوقع زيادتها بالتزامن مع قرار تعويم نحو 48% لتصل إلى 80 مليار دولار بعد أن كانت 53 مليار دولار.
وأشار إلى أنه يمكن استغلال القرض في استكمال مشروعات البنية التحتية وتشغيل المشروعات المتوقفة بما يساهم في رفع معدلات النمو الصناعي، معربا عن قلقه من فشل مصر في استغلال هذه الأموال لعدم وجود رؤية مستقبلية واضحة للأوضاع الاقتصادية.
ومن جانبه طالب الدكتور إيهاب الدسوقي، مدير مركز البحوث بأكاديمية السادات، بضرورة توجيه قرض صندوق النقد الدولي لتنفيذ مشروعات استثمارية تستهدف التصدير للخارج، كخطوة للسداد من خلال الحصول على العملة الأجنبية.
وأضاف أن الحكومة لم تعلن حتى الآن عن خطتها لاستغلال القرض، وبالتالي فلا أحد يعرف برنمجها فيما يخص هذا الأمر، مؤكدا على ضرورة أن تنتهج الدولة سياسات لدعم الشفافية والإعلان عن أهدافها، بدلا من التكتم على تحركاتها مما يثير غضب الرأي العام وينشر الشائعات.
ورهنت إدارة اصندوق النقد الدولي موافقتها على منح الشريحة الأولى من قرض الـ 12 مليار دولار بثلاث شروط، الأول تحصيل 6 مليارات دولار من الحكومة المصرية، الثاني توحيد سعر الصرف والثالث إلغاء الدعم البترولي.
ويعد قرار مصر بطلب قرض من صندوق النقد الدولي، محل دراسة متأنية من الحكومات المتعاقبة بعد ثورة يناير 2011.