رئيس التحرير
عصام كامل

و«عملها» هاني الناظر !


لا يحتاج الدكتور هاني الناظر إلى تعريف ولا إلى دعاية له.. فعيادته الخاصة تعج بالمرضى الذين يجيئونه من كل محافظات مصر.. والأمر منطقي وطبيعي مع من كان رئيسا لأهم مركز علمي وبحثي في مصر.. ثمانية أعوام كاملة قضاها الناظر رئيسا للمركز القومي للبحوث بعد أن جمع بين أستاذية تخصصه الطبي وبين الدكتوراه في النباتات وهو ما يسر له التعامل العلمي للتوصل إلى أدوية لبعض الأمراض الخطرة!


هاني الناظر -مع حفظ كل الألقاب- قرر أمس السير عكس الاتجاه.. قرر مخالفة طبائع الأحوال في مصر وأن يسير منفردا -حتى اللحظة- في طريق الحق والخير.. الدكتور الناظر قرر أمس تخفيض أجرة الكشف الطبي بعيادته بنسبة 20 %.. ووفقا للمعلومات التي حصلنا عليها عن مستوى الزحام في عيادة الرجل وهو ما يجعل قوائم الانتظار له طويلة لعرفنا قيمة المبلغ الذي تنازل عنه الدكتور الناظر يوميا تضامنا مع أبناء شعبه وغير القادرين منهم ودون أن يطلب منه أحد.. ولو لم يفعل ما لامه أحد.. إنما ليؤكد أن القدرة على هزيمة النفس الأمارة بالسوء ممكنة وأن السيطرة على وساوس الشيطان ممكنة جدا وأن التغلب على الطمع ممكن جدا جدا وبدأ الرجل بنفسه بدلا من أن ينصح في وسائل الإعلام ويمارس العكس سرا.. ليرسل أكثر من رسالة قيمية وأخلاقية في وقت واحد !

البعض الآن يمارسون الطب كتجارة مربحة.. وأمامهم طوال الوقت البرج الذي اقترب ثمن شرائه والشالية في المدينة الساحلية وقد يتطلب شراء آخر بجانبه أو شقة العاصمة الأوروبية الضرورية للإجازات هناك أو للعيادة الجديدة بالحي الراقي وهكذا.. حتى لو على حساب آلام بل ودماء الفقراء وسحقا لآمال الشفاء لديهم.. وتجاهلا لدموع المرافقين لهم.. فالأساس هو المال.. ولو على حساب أي شيء وكل شيء!

الدكتور الناظر ككثيرين يدرك البعد الإنساني لمهنته.. وللأمانة فهذا الإدراك يتراكم في الإنسان قبل الطب وقبل الجامعة من التربية والأسرة والبيئة المحيطة منذ الطفولة وهي التي تزرع في الإنسان قيم القناعة والتقوى واستيعاب فكرة أن الحلال القليل بالرضا أفضل جدا من الكثير بغير رضا وأن المال القليل بدعوات صاحبه له أفضل من المال الكثير بدعاء صاحبه عليه !

بقي القول إننا لا تجمعنا بعالمنا الجليل أي صلة.. ولسنا -ولله الحمد- من زوار عيادته لأسباب طبية أو خاصة.. ولا نرسل له مرضى لا في عيادته ولا في المركز القومي.. ولم نتكلم إلا مرة واحدة للترتيب لمداخلة هاتفية في برنامجنا الإذاعي لنرصد أيضا دوره في محاربة الجهل والخرافة والإشاعات على شبكات التواصل.. إنما هو نموذج نأمل أن يتعلم منه أحد في مصر.. نموذج يقول -وفي ظل ظروفنا هذه- إن الخير لم يزل هنا.. وسيبقى!
الجريدة الرسمية