رئيس التحرير
عصام كامل

محمد برغش: الفلاح أصبح نهرا للجباية القذرة ومنتهكًا في كل شيء

فيتو

>> الدولة تعمدت استغلال النقابات لتفتيت الكيانات الزراعية الديمقراطية
>> 25 % من مساحات قصب السكر تحولت إلى الموز بالصعيد

>> مبيدات "بير السلم" تضرب الزراعة
>> الأرز محصول "الفضيحة" للحكومة كل عام
>> فشل الزراعة في تسويق القطن وراء تقلص مساحته


"لو أرادت الدولة الإصلاح لجلست مع الفلاحين منذ عدة سنوات.. ولكن أي فلاحين تسمعهم الدولة؟، إنها تسمع من يقدس ويحمد الوزير لأنه الذي يأتى بهم".

بهذه البداية استهل الفلاح الفصيح محمد برغش، حواره مع "فيتو"، كاشفا عن أوجاع القطاع الزراعى التي يحملها منذ سنوات.. لم تجد صدرا رحبًا يسمع تأوهاته، لتدفعه إلى القول إن هناك مؤامرة على الزراعة المصرية والمحاصيل الإستراتيجية، مع خلق الدولة كيانات نقابية للفلاحين تبدو كخنجر في ظهر الكيانات المنتجة بجانب ما يتعرض له الفلاح من امتصاص لحقوقه في التسويق الذي أصبح على حد وصفه "نهر الجباية القذر"، من قبل الحكومة والتجار ورجال الأعمال.. كما يكشف عن صناعة مبيدات "بير السلم"، والجزر المنعزلة بين الوزارة وعشوائية التسويق، والأسباب الحقيقية لإسقاط القطن المصري من عرشه.. وإلى تفاصيل الحوار:

- يتردد في الكثير من الأحيان أن هناك مؤامرة ضد الزراعة المصرية.. لماذا؟
* هناك مؤامرة حقيقية تعبث بالزراعة، وهناك مؤامرة ممهنجة تعبث بالفلاحين لتحولهم إلى طاقة سلبية بالمجمتع لكن لن يفلح المتآمرون، فالذي أمنه الله على الغذاء لن يخون، ومن أمنه على حدود مصر سيظل شهيدًا كل ثانية دفاعًا عن الوطن العزيز مصر، فالحكومة بيدها أن تدمر الزراعة أو ترتقى بها إلى عنان السماء لكن المشاهد على الأرض أن الحكومة تعمل بجزر منعزلة مع جميع الوزارات ذات الصلة بالزراعة من الرى والموارد المائية والتموين والتجارة الداخلية والكهرباء، وغيرها.. وكأنهم ليسوا في حكومة مصر أو يهمهم أمرها. 

- أين زراعة القطن على خريطة المحاصيل الإستراتيجية حاليًا ؟
* سقط القطن من فوق عرشه، وتضررت مساحته وكان أحد المحاصيل الإستراتيجية النقدية، وكانت مساحته تصل إلى 2 مليون فدان وتراجعت لتصل منذ 5 سنوات إلى 100 ألف فدان، بما فيها العام الجارى؛ لأسباب ترجع إلى فشل وزارة الزراعة في الإعلان عن سعر قنطار القطن، ولا يجد الفلاح من يشتريه. 

- دائما تعترف بأن الفلاح المصرى منتهك.. ما دليلك؟
* الفلاح الذي يضع البذرة في الأرض لا يخون أصبح نهرا للجباية القذرة ومنتهكًا في كل شيء، من خلال الشرائح التي يتعامل معها في مستلزمات الإنتاج الزراعى من الأسمدة والمبيدات والتقاوى والأعلاف، وكل ما يتم استخدامه في العملية الزراعية، سواء كان من قبل الحكومة أو رجال الأعمال أو التجار. 

- ألا يعد محصول الأرز الإستراتيجي كابوسًا للحكومة؟
* بدون أدنى شك الأرز كمحصول إستراتيجي يعد فضيحة للحكومة لأنها منذ سنوات عدة، تارة تعلن عن فتح باب التصدير للمحصول بهدف الحفاظ على توفير العملة الصعبة والأسواق التقليدية التي يتم التصدير إليها، وتارة أخرى تعلن عن غلق باب التصدير، ولم تحقق آلية واحدة للتعامل مع الفلاح، ومن يتكلم عن آلية يتكلم عن القانون الذي يكفل حقوق المواطن ويجرم من يخل بذلك. 

- مشهد توريد القمح المحلى شهد ضررًا كبيرًا للفلاح.. كيف قرأته؟
* منظومة القمح المحلى عن الموسم المنقضي لم تكن لها آلية واضحة المعالم كشفت عن إهمال الفلاح في تسويق المحصول الإستراتيجي لولا تدخل المهندس شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء، والرئيس عبدالفتاح السيسي بعد فضيحة توريد القمح في ظل فشل وزارتى التموين والتجارة الداخلية والزراعة واستصلاح الأراضى بعد المشاهد التي وثقتها جميع أجهزة الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة. 

- تقييمك لعلاقة الدولة مع الكيانات الديمقراطية الزراعية.. كيف تراها؟
* أهملت الدولة الكيانات الديمقراطية الزراعية المنتجة في كل نجع وقرية ومدينة، والتي تشمل الاتحاد التعاونى الزراعى المركزى والجمعية العامة للائتمان الزراعى، والجمعية العامة للإصلاح الزراعى، والجمعية العامة للأراضى المستصلحة، بجانب إهمالها للفلاحين الذين يهمهم الوطن؛ لأن الأمن القومى المصرى يتعلق بالزراعة، ولذلك كثيرًا ما نتكلم وندرك تمامًا أنهم يقولون: "تكلموا على راحتكم، واللى نحبه هانسمعه واللى في راسنا هانمشيه".
 
- كيف تنظر إلى نقابات الفلاحين وآليات الدولة في التعامل معها؟
* النقابات الزراعية هي تفتيت للكيانات الديمقراطية، وتتعامل الدولة معها لتفتيت جسد الفلاحين، حيث تتمترس الدولة خلف النقابات المستقلة التي لا تمثل الفلاحين، والهرب من ممثليهم المنتخبين، لدرجة أنه بإمكان 20 فلاحا أن يكونوا نقابة مستقلة بدون إيراد، ولايحق لها الحصول على أموال، ومع ذلك تلزم الفلاحين بدفع 100 جنيه يتحملها كل فلاح مقابل الاشتراك والكارنيه سنويًا؛ بما يطرح التساؤل: ماذا تقدم الدولة الرشيدة للكيانات الديمقراطية التي تستظل بالقانون؟!

- ما حقيقة الاعتداء على زراعة قصب السكر بتحويلها إلى الموز بالصعيد ومخاطره؟
* الدولة حددت حيازة لا تمس قدرها 36 ألف فدان لكل مصنع قصب سكر، بداية من المنيا، وانتهاء بمحافظة أسوان، والآن تحولت هذه الحيازات في مساحة تتراوح بين 20 و25 % إلى زراعة الموز، بما يعد ناقوس خطر لا يوجد من يراه أو يسمعه، ويهدد صناعة السكر والعاملين بها، ويعرضهم للتشرد، ولن نجد عود قصب واحدا في ظل استمرار هذه الممارسات التي تدمر هذه الصناعة الإستراتيجية. 

- مبيدات "بير السلم" لها تأثير كبير على عدم فعاليتها في الزراعة وزيادة التكلفة على المزارعين.. أليس كذلك؟
* لايوجد هناك من يحمى الفلاح، ويحفظ كرامته من سعار وجنون الأسعار حتى في مصانع "بير السلم"؛ نتيجة انخفاض تركيز أدوية الفطريات والحشرات التي يتم استخدامها في المكافحة لآفات المحاصيل بما يدفع الفلاحين إلى شراء ما يعادل ما بين 3 و4 أضعاف الكمية لزيادة الفاعلية في مواجهة الآفات، نتيجة هذه العبوات المضروبة، ولا يجد الفلاح سوى ستر الله؛ لأن الدولة تخلت عن الزراعة التي لم تحسن مقدراتها، ومن يعترض على ذلك فليأتنا بالدليل ونجلس معا نتناقش فيما يطرحه.
الجريدة الرسمية