قرارات عامر.. إنقاذ عاجل أم نكسة جديدة؟!
هل درست الاقتصاد؟ هل تخصصت فيه فيما بعد الدراسة؟ هل تقرأ في كتب ومراجع الاقتصاد؟ هل تفهم فيه؟ إن كانت إجابتك على كل ما سبق هي لا.. إذن اترك لغيرك هذه اللحظة- هذه اللحظة تحديدا- الكتابة والحديث عما جري صباح اليوم..
فمنذ أمس والحديث عن بدء قرارات إصلاحية جريئة.. عرفناها صباح اليوم، وكان المقصود بها تعويم الجنيه.. ورغم أننا ننتمي إلى فهم اقتصادي مختلف تماما لكل ما يجري في مصر منذ الانفتاح الاقتصادي، ويؤمن بهيمنة الدولة على مفاتيح اقتصادها، باعتباره أمنا قوميا لا يجوز تركه للعبث ولا للمضاربة ولا للتلاعب إلا أننا سنحاول تفسير خطوة البنك المركزي اليوم وفق للحالة الاقتصادية الحالية والرد عليها..
فطارق عامر يؤمن أن مساواة سعر الصرف داخل البنوك وخارجها سيؤدي إلى عدة نتائج، أولها ضرب السوق السوداء في مقتل، والثاني اتجاه تحويلات المصريين في الخارج للبنوك الرسمية، فلم يعد هناك فرق بينها وبين السعر خارجها.. وثالثا جذب استثمارات جديدة بعد توحيد سعر الصرف، وكان الازدواج في السعر عقبة أساسية في تدفق الأموا،ل كما أن خفض الجنيه- كما يري عامر- سيدفع في الاتجاه نفسه الخاص بجلب أموال المستثمرين، حيث تستطيع العملات الأجنبية التعامل الجيد بالعملة المصرية في السلع والخدمات!
الرافضون للقرار يرون أنه من الظلم أن يضرب البنك المركزي العملة المحلية بهذه الطريقة، ويقوم بتخفيضها إلى النصف تقريبا، كما يرون أن الأسعار حتما سترتفع، ولم يترك عامر الفرصة للمصريين للتمتع بانخفاض الدولار أمس وتزايد الآمال لانخفاض الأسعار.. كما أن تاريخ التعويم سيئ السمعة منذ التلاعب بالعملة في عهد السادات إلى التعويم الرسمي في حكومة عاطف عبيد، والتي بدأت بسببه رحلة التراجع الكبير والأزلي للجنيه المصري، وارتفع بعدها الدولار للضعف تقريبا!
وجهة نظر عامر وأنصاره ستقول إن هذا هو القيمة الحقيقية للجنيه، وإن الحل سيكون برفع الفائدة على الإيداعات بالجنيه، بما سيؤدي إلى نتيجتين الأولى الحفاظ على هيبة الجنيه، والثانية السيطرة على التضخم بسبب ارتفاع المدخرات الناتجة عن ارتفاع الفائدة..
وهنا سيرد خصوم قرارات عامر بأن البنية داخل مصر لا تحتمل ذلك، فلا توجد آلية لضبط الأسعار والسيطرة عليها ولا توجد بدائل جاهزة للسلع المستوردة.. وهنا أيضا سيرد أنصار عامر ووجهة نظره بأن قرارات وقف الاستيراد ستؤدي الغرض نفسه ولو مؤقتا، وإلي حين تفعيل التعامل الدولي بعملة غير الدولار وإلي حين وصول دفعات النقد الدولي وإلي حين عودة تدفقات المصريين بالخارج إلى مسارها الرسمي..
وهنا نقول- كاتب هذه السطور- كلام عامر يبدو منطقيا بالشكل النظري في ظل بلد طبيعي لا تحيطه مؤامرات من كل جانب، وبه رأسمالية وطنية وليست متوحشة.. وهنا نعود للعنوان.. ونبقي في انتظار ما سنقرره فيما بعد وستثبته الأيام وهل ما جري إنقاذ أم نكسة جديدة!