رئيس التحرير
عصام كامل

بالمناسبة.. السيول مش إخوان !


مصيبة إذا كان ما قيل في موضوع السيول صحيح.. لو صح أن الأرصاد حذرت محافظات السيول، قبل السيول بأيام، بينما عملت المحافظات "ودن من طين وأخرى من عجين".. فالمعنى أننا أمام كارثة إدارية من النوع الثقيل. إهمال جماعى.. أدى لتشرد جماعى.


لو صح الكلام، فنحن أمام "إهمال إداري موجه".. أزمة واضحة لابد أن تكشفنا أمام أنفسنا، وتعرينا من هدومنا، وتمسكنا من أدمغتنا وترزعنا في الأرض زرع بصل.

لو صح، تبقى الحكومة صفرًا.. والجهاز الإداري صفرًا.. والمسئولون في مواقع كثيرة صفرًا.. لن تجدى رسائل الدعم على فيس بوك، ولا رسائل التشجيع "تحيا مصر" على تويتر.. لا تكفى دعوات التفاؤل على الفضائيات، بأن بكرة أحلى من النهاردة، وأن الجاى "زى الفل".

الحال غير مبشر لو استمر.. أزمة السيول، كانت القشة التي قصمت الظهر.. لو صح ما قيل عن إهمال تحذيرات السيول، فالمعنى أن مواقع قيادية حكومية كثيرة شاغرة مع أنها مشغولة.. كراسى كثيرة فاضية، مع أن عليها بشر يقولون إنهم يديرون ويحللون ويتكلمون للصحافة، ويشجعون الجماهير.. بينما في النهاية كان أن اكتسحت السيول الجماهير!

بالمناسبة السيول "مش إخوان".. يعنى لا المياه التي جرفت البيوت في رأس غارب لها علاقة بالجماعة المحظورة، ولا زخات المياه التي نزلت من الجبال، وخرّجت الناس بهدوم النوم في رأس غارب مؤامرة من المؤامرات على الوطن.

هذا ليس إنكارًا للمؤامرات، لكن قل إنه تذكرة بأن هناك ما نحن السبب فيه من بلاوى، إلى جانب المؤامرات على الوطن.

أزمتنا في الإدارة.. مصيبتنا في شكل الإدارة ومفهوم الإدارة عن الإدارة.. مصيبتنا الثانية، في أن أغلب المنتمين للإدارة يميلون دائمًا إلى تعليق أخطائهم مرات على شماعة المؤامرات.. ومرات على شماعة الجماعة المحظورة.

بعد أزمة السيول، تستطيع أن تقول إن الحكومة فشلت بامتياز.. فشلت في التحويط على المشكلات.. من أول أزمة الدولار، مرورًا بمواجهة الاحتكارات، وانتهاء بأزمة السيول.

الدولار تخطى حاجز الـ 18. على "فيس بوك" كتبوها هكذا: "+18" وقالوا: الدولار بقى قليل الأدب.. آخرون اعتبروا هذا الكلام هو "اللى قلة قدم ومحاولة لنشر الإحباط".. لكن إن جيت للحق الإحباط واجب والأمور هكذا.. أمس تداولت الصحف أنباء عن هبوط حاد في سوق سوداء النقد الأجنبي.. إذا كان الكلام عن الهبوط صحيحًا، فتأكد أنه هبوط "وقتي".

هذا ليس إحباطًا، ولا شائعة إحباط، لكن الحق أن الحكومة لم تفعل شيئًا جذريًا لحل أزمة الدولار، إضافة إلى أننا لم نعد بلدًا منتجًا، ناهيك عن قلة العملة الصعبة الداخلة.. فما الذي يمكن أن يحل أزمة الدولار ؟

مصادر في مجلس الوزراء قالت أمس الأربعاء، إن ملف السيول على مكتب الرئيس.. ما الذي يفعله ملف السيول على مكتب الرئيس، بعدما نزلت السيول، وجرفت اللى جرفته، وعملت اللى عملته ؟

ما المطلوب من الرئيس نفسه أن يفعله، بعد ما حصل اللى حصل ؟ لماذا لم يضعوا ملف الدولار على مكتب الرئيس؟ لماذا لم يضعوا ملف السكر على مكتبه أيضًا؟ بعض المصادر تتكلم حاليًا عن قرب أزمة زيت طعام.. لو صح كلامهم، متى ننتظر أن ترسل الحكومة ملف "الزيت" إلى الاتحادية ؟!

هل مطلوب من الاتحادية حل كل شىء، واتخاذ القرار في كل حاجة، بينما الحكومة لا تكف عن البشارات ؟

لا ننكر المؤامرات الداخلية.. المؤامرات موجودة.. بعضهم يتآمر على الدولة وعلى الرئيس، نكاية في الدولة وفى الرئيس.. المؤامرات مؤكدة، لكن المؤكد أيضًا أن هناك إلى جانب المؤامرة، حكومة رخوة، وقيادات إدارية ليست في محلها.

للآن، لم تتوصل الحكومة إلى طريقة للقضاء على تلاعب التجار بالسكر.. للآن، لم تتوصل الحكومة إلى حل لأسماء المستحقين التي رفعتها وزارة التموين من بطاقات التموين.

في لجنة الزراعة والرى بمجلس النواب، هاجموا وزير التموين بعد حديث عن اختفاء الأرز، فرد الوزير: "الرز موجود عند التجار والمزارعين.. مش عند الوزارة" !

لم يتكلم وزير التموين في جلسة أمس الأول عن حلول.. مثله مثل الحكومة، لا يرى حلولا.. ملفات كثيرة أخرى غير السكر والأرز مفتوحة، ومشكلات كثيرة تشم فيها رائحة سوء إدارة.

صحيح الأمور للآن لا تدعو للإحباط الشديد، لكننا في الوقت نفسه لا يمكن إنكار أن ما يحدث إشارات إلى حتمية ألا نكف عن التفكير بحثًا عن حلول حقيقية، بعيدًا عن أحاديث المؤامرات، وملاعيب الجماعة.. ليست كل مشاكلنا "إخوان مسلمين".. السيول بالذات "مش إخوان مسلمين" !
wtoughan@hotmail.com
twitter: @wtoughan
الجريدة الرسمية